كتاب شرح التبصرة والتذكرة ألفية العراقي (اسم الجزء: 2)

انصرفُ كراهيةَ أنْ تَكْثُرَ، وتَفَلَّتْ. وروينا نحو ذلكَ عن شعبةَ، وابنِ عُلَيَّةَ، ومَعْمَرٍ. وروينا عن الزهريِّ قالَ: مَنْ طلبَ العلمَ جملةً، فاتَهُ جملةً، وإنما يُدْرَكُ العلمَ حديثٌ وحديثانِ. وقالَ أيضاً فيما رويناهُ عنه: إنَّ هذا العلمَ إنْ أخذتَهُ بالمكَاثَرَةِ لهُ غَلَبَكَ، ولكنْ خُذْهُ معَ الأيَّامِ، واللَّيَالي أخذاً رفيقاً، تَظْفَرُ بهِ.
وممَّا يعينُ على دوامِ الحفظِ المذاكرةُ. روينا عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ - رضي الله عنه - قالَ: تذاكروا هذا الحديثَ، إِلاَّ تَفْعَلوا، يَدْرُسْ. وروينا عن ابنِ مسعودٍ قالَ: تذاكروا الحديثَ، فإنَّ حياتَهُ مذاكرتُهُ. وروينا نحوَه عن أبي سعيدٍ الخدريِّ، وابنِ عبَّاسٍ. وروينا عن الخليلِ بنِ أحمدَ قالَ: ذَاكِرْ بعلمكَ، تَذْكُرْ ما عندكَ، وتَسْتَفِدْ ما ليسَ عِنْدَكَ. وروينا عن عبدِ اللهِ ابنِ المعتزِّ، قالَ: مَنْ أكثرَ مذاكرةَ العلماءِ، لم يَنْسَ ما عَلِمَ، واستفادَ ما لم يَعْلَمْ. وليكنِ المحدِّثُ مصاحباً للإتقانِ، فقد روينا عن عبدِ الرحمنِ بنِ مَهْديٍّ قالَ: الحفظُ الإتقانُ. وإذا تأهَّلَ المحدِّثُ للتأليفِ والتخريجِ،

الصفحة 54