كتاب السنن والأحكام عن المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام (اسم الجزء: 3)

بالسُّنح (¬1) حتى نزل فدخل المسجد فلم يكلم الناس حتى دخل على عائشة. فتيمم النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو مسجًّى ببردة حبرة، فكشف عن وجهه، ثم أكب عليه فقبَّله، ثم بكى، فقال: بأبي أنت وأمي يا نبي الله، لا يجمع الله عليك موتتين، أما الموتة التي كتبت عليك فقد متها. قال أبو سلمة: فأخبرني ابن عباس أن أبا بكر (خرج) (¬2) وعمر يكلم الناس، فقال: اجلس. فأبى فقال: اجلس. فأبى، فتشهد أبو بكر فمال إليه الناس وتركوا عمر، فقال: أما بعد، فمن كان منكم (يعبد) (2) محمداً فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله -عز وجل- حي لا يموت، قال الله -عز وجل-: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} إلى (الشَّاكِرِينَ) (¬3). والله لكأن الناس لم يكونوا يعلمون أن الله أنزل هذه الآية حتى تلاها أبو بكر -رضي الله عنه- فتلقاها منه الناس، فما يسمع بشر لا يتلوها".
رواه خ (¬4).

2760 - وروى (¬5) عنها وعن ابن عباس: "أن أبا بكر قبَّل النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد موته".

2761 - وعن عائشة قالت: "قبل النبي - صلى الله عليه وسلم - عثمان بن مظعون وهو ميت حتى رأيت الدموع تسيل على وجهه".
¬__________
(¬1) السُّنْح: بضم أوله، وسكون ثانيه، آخره حاء مهملة، إحدى محال المدينة، كان بها منزل أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- وهي في طرف من أطراف المدينة، وبينها وبين منزل النبي - صلى الله عليه وسلم - ميل. معجم البلدان (3/ 301).
(¬2) من صحيح البخاري.
(¬3) سورة آل عمران، الآية: 144.
(¬4) صحيح البخاري (3/ 136 - 137 رقم 1241، 1242).
(¬5) صحيح البخاري (10/ 175 رقم 5709، 5710، 5711).

الصفحة 120