كتاب صور وخواطر

وفي أوراقي التي وجدت فيها هذا الإيصال شهادةٌ مكتوبة بالخط الديواني ولها إطار مذهَّب الحواشي، وفي رأسها اسم «وزارة الأوقاف»، فيها قرار تعييني إماماً في جامع رستم في حي العُقَيبة في دمشق، أي والله، وتاريخها سنة 1924، أي من اثنتين وأربعين سنة شمسية (¬1).
إني لأنظر إلى هذه الشهادة، وأرجع البصر إلى ذلك الإيصال الذي اصْفَرَّ لونُه وبَلِيَ ورقه وتمزقت طيّاته، فأرى عجباً دونه والله ما يشطح إليه خيال القُصّاص. من إمام جامع إلى ممثل في التياترو! ولكن كيف دخلت نادي التمثيل والموسيقى؟
إني لأتأمل هذا «الإيصال» فأعود إلى أيامي الماضيات، إلى سنة 1347هـ، وقد نلت شهادة «البكالوريا» (كما كنا نسميها يومئذ، أو «التوجيهية» كما تُسمّى اليوم، وكان الفرنسيون قد أنشؤوها تلك السنة) فحملتها وسافرت إلى مصر، فدخلت دار العلوم العليا وانتسبت إلى الجامعة المصرية، وكنت أول سوري يؤمّ مصر للدراسة العالية في غير الأزهر. وكنت أحرر في مجلّتَي خالي وأستاذي محب الدين الخطيب، المجلة الأدبية الأولى في العالم العربي، وهي «الزهراء»، والمجلة الدينية الأولى في العالم الإسلامي، وهي «الفتح».
وأعلنت عمادة الكلية (أو مديرية المدرسة كما كانت تسمى) عن تأليف نادٍ للتمثيل والموسيقى ودَعَوا من يريد الاشتراك فيه
¬__________
(¬1) أي وقتَ كتابة هذه المقالة، أواخر سنة 1966، وقد نُشرت في «الوعي الإسلامي» في عدد كانون الثاني (يناير) 1967 (مجاهد).

الصفحة 332