كتاب صور وخواطر

قوانين أوربا، دفعه إلى ذلك ضغط الكفار وجمود أذهان العلماء وعجزهم -كما يقول ابن القيم في مثل هذه الحال- عن استنباط الأحكام من أدلة الإسلام.
الاتحاديون الذين شوّهوا اسم السلطان عبد الحميد (وقد تبين اليوم براءته من أكثر ما اتهموه به) والذين انهزموا أمام دول البلقان التي كانت تخضع للسلاطين من آل عثمان، والذين أقحموا الدولة في حرب ما لها فيها مصلحة فقضوا عليها. هؤلاء الذين منهم جمال باشا هم الذين أساؤوا إلينا وإلى الترك على السواء.
* * *
وأصبحنا يوماً من سنة 1918 وإذا في البلد رَجّة، وما كانت تعرف بلدُنا الرجات، وإذا نحن نرى لأول مرة «المظاهرات»، وما كنا نعرف إلا «العرضات». وإذا نحن نسمع هتافاً، لا كهتاف "باديشاهم جوق يشا"، بل هو هتاف جديد: "لِيَحْيَ الاستقلال العربي".
ورأينا الناس فرحين ففرحنا معهم، لا لأننا عرفنا سر فرحهم، بل لأن مدرستنا التركية قد أغلقت وسُرِّحنا منها، فلذلك فرحنا! وسمعنا الناس يقولون: جاء الشريف وانقضى حكم الأتراك، فقلنا: من الشريف؟ قالوا: فيصل بن الحسين، منقذ العرب ومحررهم وقائد نهضتهم.
ولم نكن نعرف ما صنع منقذ العرب ولا ندري ما هذه النهضة العربية التي يتحدثون عنها، فعشنا حتى عرفنا ودرينا!

الصفحة 344