كتاب السنة ومكانتها للسباعي ط الوراق

الغيرة الصادقة على دين الله. إن هذا الكتاب صورة حية لهاتين المكرمتين، فأنت واجد أن المضمون منطبق تمام الانطباق على العنوان، مع رد المفتريات والشبه، واقتحام معاقل العادين على السُنَّة من حيث المتن أو السند.

وإذا كان قد تناول بعض المباحث برفق وإيجاز، فإنما كان ذلك لأنها ليست من صلب الموضوع، فأعطاها بقدر ما لها من علاقة فحسب.

وكم أحسن - رَحِمَهُ اللهُ - صنعا في ذلك التتبع التاريخي للأدوار التي مرت بها السُنَّة، ووضع الأصبع على مكمن الداء في الماضي والحاضر، ومواقف العلماء التي ردت الأمور إلى نصابها.

وبطريقة منهجية جامعة فنّد آراء المخالفين قديما وحديثا، وعرض لمواقف بعض المستشرقين والمستغربين، وكشف بالروح العلمية المنصفة مواقعهم وما وراء اتجاهاتهم من جهل وتزوير. فكان موقفه في ذلك كله موقف العالم الداعية المجاهد، الذي يقدم لك الفكرة، مؤيدا ما يجنح إليه بالحجة من مظانها .. وتلمس من وراء بحثه - كما أسلفنا - الغيرة الصادقة على السُنّة أن يعدى عليها باسم العلم وتحت عناوين المعرفة.

ولعل من الإنصاف أن أشير إلى أن الأستاذ - رَحِمَهُ اللهُ - قد ألف الكتاب في ظروف قاسية شهدها الذين يسكنون معه في القاهرة من إخوانه، حين اضطرته تلك الظروف وهو يجمع المادة العلمية للموضوع أن يغادر الشقة إلى مكان آخر حيث لا يجد المراجع إلا بصعوبة، ويتصل ببعض أساتذته بصعوبة أشد، لا يحجز الأذى عنه ومخاطر الاتصال إلا عناية الله .. ولم يطبع الكتاب طباعة رسمية، وإنما خرج رسالة للأستاذية يومذاك - الدكتوراه - في الأزهر على الآلة الطابعة.

وشغلت مؤلفنا شؤون الدعوة والقضايا العامة، ومهمات الجامعة والتدريس في كليتي الشريعة والحقوق، مع إرادة كلية الشريعة عن البدء بطبع الكتاب.

ويشاء الله أن يفاجئه المرض العضال .. وصدرت الطبعة الأولى وهو على حال صحية غاية في الإرهاق، وإن كان الرضى عن الله، والطمأنينة

الصفحة 8