كتاب السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: الكتاب)

ذلك من الأسباب، أو لِضِغَنٍ في قلبه على الأحق، أو عداوة بينهما= فقد خان الله ورسوله والمؤمنين، ودخل فيما نُهي عنه في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} ثم قال: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} [الأنفال: ٢٧ - ٢٨].
فإن الرجل لحبه لولده أو لعتيقه، قد يؤثره في بعض الولايات، أو يعطيه ما لا يستحقه، فيكون قد خان أمانته، وكذلك قد يؤثر زيادةَ ماله أو حفظه (¬١) بأخذ ما لا يستحقه، أو محاباة من يداهنه في بعض الولايات، فيكون قد خان الله والرسول وأمانته (¬٢).
ثم إن المؤدي للأمانة ــ مع مخالفة هواه ــ يُثيبُه (¬٣) الله فيحفظه في أهله وماله بعده. والمطيع لهواه يعاقبه الله بنقيض قصده فيُذِلُّ أهلَه ويُذهِب مالَه.
وفي ذلك الحكاية المشهورة: أن بعض خلفاء بني العباس سأل بعض العلماء أن يحدثه عن بعض ما أدرك، فقال: أدركت عمر بن عبد العزيز وقد قيل له: يا أمير المؤمنين أفرغت (¬٤) أفواه بنيك من هذا المال، وتركتهم فقراء لا شيء لهم (¬٥) ــ وكان في مرض موته ــ فقال: أدخلوهم عليَّ، فأدخلوهم ــ
---------------
(¬١) في بعض النسخ: «يورث زيادة ... »، و (ي): «زيادة حفظه أو ماله». وفي المطبوعة مع شرح العثيمين: «زيادة حظه» ولم يشر إلى مصدر التغيير.
(¬٢) بقية النسخ: «وخان أمانته».
(¬٣) أكثر النسخ: «يثبته» والمثبت من (ظ) وهو المناسب للسياق.
(¬٤) (ف، ي، ظ، ز): «أفغرت»، وفي (ل): «أفقرت».
(¬٥) سقطت من الأصل.

الصفحة 10