كتاب السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: الكتاب)

إنها (¬١) نزلت لما مَثَّل المشركون بحمزة وغيره من شهداء أحد، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لئن أظفرني الله بهم لأمثلنّ بضعفي ما مَثّلوا بنا» (¬٢) فأنزل الله هذه الآية ــ وإن كانت قد نزلت [قبل ذلك] (¬٣) بمكة، مثل قوله: {سَبِيلًا (٨٤) وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ} [الإسراء: ٨٥]، وقوله: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: ١١٤]، وغير ذلك من الآيات التي نزلت بمكة، ثم جرى بالمدينة سببٌ يقتضي الخطاب فأُنْزِلت مرة ثانية (¬٤) ــ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بل نصبر».
وفي «صحيح مسلم» (¬٥) عن بريدة بن الحصيب قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا بعث أميرًا على سريَّة أو جيش أوصاه في خاصة نفسه بتقوى الله تعالى وبمن معه من المسلمين خيرًا، ثم يقول: «اغزوا بسم الله، وفي سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، لا تغلوا ولا تغدروا ولا تُمَثِّلوا، ولا تقتلوا وليدًا».
وقد يتنازع الأئمة في بعض أنواع القتل، كالتحريق بالنار عند شدة
---------------
(¬١) «قيل إنها» ليست في (ف، ي، ز، ظ، ب).
(¬٢) أخرجه الحاكم: (٣/ ١٩٧)، والطبراني في «الكبير» (٢٩٣٧)، وابن عدي في «الكامل»: (٤/ ٦٣) وغيرهم من حديث أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لما رأى حمزة قد مُثّل به: (أما والله لأمثلن بسبعين منهم ... ونزلت الآية ... )، ولفظ «بضعفي» لم أجده. والحديث في سنده صالح المري وهو ضعيف، قال الحافظ في «الفتح»: (٧/ ٣٧١): إسناده فيه ضعف. وضعفه الهيثمي في «المجمع»: (٦/ ١١٩). وله شواهد من حديث ابن عباس وأُبي بن كعب.
(¬٣) من (ي، ز).
(¬٤) من قوله: (وإن كانت قد نزلت ... ) إلى هنا ليس في (ف، ظ، ب، ل).
(¬٥) (١٧٣١).

الصفحة 108