كتاب السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: الكتاب)

فإن وُجِدت منه رائحة الخمر، أو رُئي وهو يتقيَّؤها ونحو ذلك؛ فقد قيل: لا يقام عليه الحد؛ لاحتمال أنه شرب ما ليس بخمرٍ، أو شربها جاهلًا بها أو مكرهًا ونحو ذلك. وقيل: بل يُجلد (¬١) إذا عَرَف أن ذلك مسكر. وهذا المأثور (¬٢) عن الخلفاء الراشدين وغيرهم من الصحابة، كعثمان وعلي وابن مسعود - رضي الله عنهم -، وعليه تدل سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو الذي يصلح عليه الناس، وهو مذهب مالك وأحمد في غالب نصيهما (¬٣) وغيرهما (¬٤).
والحشيشة المصنوعة من ورق القِنَّب (¬٥) حرام، يُجلَد صاحبُها (¬٦) كما يُجلَد شارب الخمر، وهي أخبث من الخمر من جهة أنها تفسد العقل والمزاج، حتى يصير في الرجل تخَنُّث ودِياثة وغير ذلك من المفاسد (¬٧). والخمر أخبث من جهة أنها تفضي إلى المخاصمة والمقاتلة، وكلاهما تصد عن ذكر الله وعن الصلاة.
وقد توقف بعض الفقهاء المتأخرين في حدِّها، ورأى أنَّ آكلها يعزَّر بما
---------------
(¬١) (ي): «يحد».
(¬٢) (ل): تحتمل: «المشهور». (ف): «هو المأثور».
(¬٣) بقية النسخ: «نصوصه».
(¬٤) انظر «المغني»: (١٢/ ٥٠١ - ٥٠٢)، و «الذخيرة»: (١٢/ ٢٠٣ - ٢٠٤) للقرافي.
(¬٥) (ي، ز، ظ، ط، ل): «العنب». والمثبت من الأصل و (ب). والقِنَّب: بكسر القاف وضمها فالتشديد مع الفتح: ضَرْبٌ من الكَتّان وهو الغليظ الذي تُتَّخَذُ منه الحِبَالُ وما أشبهَها. وفي «المصباح» (ص ١٩٧): «القنّب: يُؤخذ لِحاه ثمَّ يُفْتَلُ حِبالًا وله لُب يُسَمَّى الشَّهدانِج. وانظر «اللسان»: (١/ ٦٩١).
(¬٦) (ظ، ب): «آكلها».
(¬٧) بقية النسخ: «الفساد».

الصفحة 143