كتاب السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: الكتاب)

والقولان الآخران (¬١) في مذهب الشافعي - رضي الله عنه - وغيره. وأما مالك وغيره فحُكِي عنه: أن من الجرائم ما يبلغ به القتل، ووافقه بعض أصحاب أحمد في مثل الجاسوس المسلم إذا جسَّ (¬٢) للعدو على المسلمين، فإن أحمد توقف في (¬٣) قتله، وجوَّز مالكٌ وبعضُ الحنبلية كابن عقيل قتلَه، ومَنَعَه أبو حنيفة والشافعي وبعضُ الحنبلية كالقاضي أبي يعلى (¬٤).
وجوَّز طائفةٌ من أصحاب الشافعي وأحمد وغيرهما قتلَ الداعية إلى البدع المخالفة للكتاب والسنة، وكذلك كثير من المالكية (¬٥)، قالوا: إنما جوَّز مالك وغيره قتل القدرية لأجل الفساد في الأرض لا لأجل الردة (¬٦).
وكذلك قد قيل في قتل الساحر، فإنَّ أكثر العلماء على أنه يُقتل، وقد روى (¬٧) الترمذي عن جندب موقوفًا ومرفوعًا أن: «حدُّ الساحر ضربة بالسيف» (¬٨).
---------------
(¬١) بقية النسخ: «الأولان».
(¬٢) بقية النسخ: «تجسس».
(¬٣) الأصل: «من».
(¬٤) انظر «المغني»: (١٢/ ٥٢٣ - ٥٢٥).
(¬٥) بقية النسخ عدا ف: «أصحاب مالك». وانظر كلام مالك في قتل القدرية في «تهذيب المدونة»: (٢/ ٧٧)، و «التاج والإكليل بهامش مواهب الجليل»: (٨/ ٣٦٨).
(¬٦) في بعض النسخ زيادة: «وكذلك قيل: المقدورُ عليه من أهل الأهواء كالخوارج والرَّوافض والقدريَّة في إحدى الرِّوايتين عن أحمد، وفي الرِّواية الَّتي لا تُكَفِّرهم إنَّما هو لأَجل الفساد في الأرض لا لأجل الكفر».
(¬٧) بقية النسخ: «رُوي» وبعد الحديث: «رواه الترمذي».
(¬٨) أخرجه الترمذي (١٤٦٠)، والطبراني في «الكبير» (١٦٦٦)، والدارقطني: (٣/ ١١٤)، والحاكم: (٤/ ٣٦٠)، والبيهقي: (٨/ ١٣٦)، كلهم من طريق إسماعيل بن مسلم عن الحسن عن جندب بن عبد الله - رضي الله عنه -.

قال الترمذي: هذا حديث لا نعرفه مرفوعًا إلا من هذا الوجه، وإسماعيل بن مسلم المكي يضعف في الحديث ... والصحيح عن جندب موقوف. اهـ وقال في «العلل الكبير»: (٢/ ٦٢٤): سألت محمدًا ــ يعني البخاري ــ عن هذا الحديث فقال: هو لا شيء، وإنما رواه إسماعيل بن مسلم، وضعف إسماعيل بن مسلم المكي جدًّا. اهـ.

الصفحة 152