كتاب السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: الكتاب)

تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (٢٦) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا (٢٧) وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا} (¬١) [الإسراء: ٢٦ - ٢٨].
وإذا حكم على شخص (¬٢) فإنه قد يتأذَّى، فإذا طيَّب نفسَه بما يصلح من القولِ والعمل؛ كان ذلك تمامَ (¬٣) السياسة، وهو نظيرُ ما يعطيه الطبيبُ للمريض من الطِّيْب (¬٤) الذي يُسَوِّغ الدواءَ الكريه، وقد قال الله تعالى لموسى - صلى الله عليه وسلم - لما أرسله إلى فرعون: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه: ٤٤].
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لمعاذٍ وأبي موسى ــ لما بعثهما إلى اليمن ــ: «يسِّرا ولا تُعسِّرا، وبشِّرا ولا تُنفِّرا، وتَطاوعا ولا تختلفا» (¬٥).
وبال مرةً أعرابيٌّ في المسجد فقام أصحابه إليه، فقال: «لا تُزْرِمُوه» أي لا تقطعوا عليه بوله، ثم أمر بدلو من ماء فصُبَّ عليه، وقال: «إنما بُعِثتم مُيَسِّرين ولم تُبعَثوا مُعَسِّرين» (¬٦). والحديثان في «الصحيحين».
---------------
(¬١) الآية الثانية ليست في (ي، ظ، ل).
(¬٢) «وإذا حكم على شخص» تكررت في الأصل.
(¬٣) (ظ، ب): «من تمام».
(¬٤) (ي، ظ، ب، ل، ط): «الطب».
(¬٥) أخرجه البخاري (٣٠٣٨)، ومسلم (١٧٣٣).
(¬٦) أخرجه البخاري (٢٢٠)، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - وأخرجه البخاري (٦٠٢٥)، ومسلم (٢٨٤) من حديث أنس - رضي الله عنه - وليس فيه قوله: (إنما بعثتم ميسرين ... ). والجملة الأخيرة ليست في (ف).

الصفحة 178