كتاب السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: الكتاب)

يَحِل ويَجْمُل، فإنَّ (¬١) في هذه الساعة عونًا على تلك الساعات، وينبغي للعاقل أن يكون عارفًا بزمانه، حافظًا للسانه، مقبلًا على شأنه» (¬٢).
فبيَّن أنه لابدَّ من اللذات المباحة الجميلة، فإنها تُعِين على تلك الأمور.
ولهذا ذكر الفقهاء أن العدالة هي: الصلاح في الدين، والمروءة. وفسَّروا المروءة باستعمال ما يجمِّله ويزيِّنه، وتجنب ما يُدَنِّسه ويُشِينُه (¬٣).
وكان أبو الدرداء يقول: إني لأستجمُّ نفسي بالشيء من الباطل لأستعين به على الحق (¬٤).
والله سبحانه وتعالى إنما خلق الشهوات في الأصل واللذات لتمام مصلحة الخلق، فإنه بذلك (¬٥) يجتلبون ما ينفعهم، كما خلق الغضب ليدفعون به ما يضرهم. وحرَّم منها (¬٦) ما يضر تناوله، وذمَّ من اقتصر عليها، واشتغل بها عن مصلحة دينه، ومن أسرف فيها في النوع أو القَدْر، كما قال تعالى: {وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأنعام: ١٤١]، وقال: {إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (٦٧)} [الفرقان: ٦٧]، وقال: {وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (٢٦) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ
---------------
(¬١) الأصل زيادة «كان» ولا معنى لها.
(¬٢) من قوله: «وينبغي ... ».إلى هنا من الأصل فقط، وهو في رواية ابن حبان وأبي نعيم.
(¬٣) انظر «الفتاوى»: (١٥/ ٣٥٦)، و «الاستقامة»: (١/ ٣٦٤) كلاهما للمصنف.
(¬٤) أخرجه البسوي في «المعرفة والتاريخ»: (٣/ ١٩٩)، وابن عساكر في «تاريخه»: (٤٦/ ٥٠١).
(¬٥) بعده في (ي): «تتم مصلحة الخلق ويجتلبون ... ».
(¬٦) (ي، ز): «من الشهوات».

الصفحة 182