كتاب السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: الكتاب)

كَفُورًا} [الإسراء: ٢٦ - ٢٧]. حتى حَجَرَت الشريعة عند الجمهور على المبذِّر الذي يصرف المال فيما لا ينفعه.
وذمَّ (¬١) أيضًا من ترك ما يحتاج إليه منها، حتى قال تعالى: {(٨٦) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ} [المائدة: ٨٧].
وفي «الصحيحين» (¬٢) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لما بلغه عن أصحابه أنه قال بعضهم: أمَّا أنا فأصوم لا أفطر، وقال الآخر: أما أنا فأقوم لا أنام، وقال آخر: أما أنا فلا أتزوج النساء، وقال آخر: أما أنا فلا آكل اللحم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لكني أصوم وأفطر، وأقوم وأنام، وأتزوج النساء، وآكل اللحم، فمن رغب عن سنتي فليس مني».
ونهى أمَّته عن الوِصال في الصيام، وقال: «من صامَ الدَّهرَ فلا صام ولا أفطر» (¬٣). وقال: «أفضلُ الصيامِ صيامُ داود، كان يصوم يومًا ويفطر يومًا ولا يفِرُّ إذا لاقى» (¬٤).
وذمَّ الرهبانية التي في ترك النساء واللحم، كما يقوله الجهال في مدح بعض الناس: ما نكح ولا ذبح (¬٥). فإن مَدْح مثل هذا من الرهبانية التي
---------------
(¬١) كتب ناسخ الأصل كلمة مغايرة ثم أصلحها.
(¬٢) البخاري (٥٠٦٣)، ومسلم (١٤٠١) من حديث أنس - رضي الله عنه -.
(¬٣) أخرجه مسلم (١١٦٢) من حديث أبي قتادة - رضي الله عنه -.
(¬٤) أخرجه البخاري (١٩٧٧)، ومسلم (١١٥٩/ ١٨٩) من حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما -، وقوله: «ولا يفرّ إذا لاقى» غير محررة في الأصل.
(¬٥) تكلم المصنف على هذا النوع من الزهد في «مجموع الفتاوى»: (١٠/ ٥١٠ - ٥١١، ٦٢٠ - ٦٢٤).

الصفحة 183