كتاب السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: الكتاب)

- رضي الله عنه -: احترسوا من الناس بسوء الظن (¬١). ولا تجوز عقوبة المسلم بسوء الظن به (¬٢).
لهذا ينبغي للوالي والعالم أن يكون خبيرًا بالشر وأسبابه وعلاماته، مثل الخبرة بالكفر والفسوق وأحوال العدو في دينهم ودنياهم؛ ليحترس من شرِّ ذلك (¬٣).
وكان من أعظم المصالح: إزجاء العيون ــ الذين هم الجواسيس ــ إلى العدو، والمعرفة بطريق الكفر، كما قد ورد عن بعض السلف أنه قال: إنما تُنقض عُرى الإسلام عروةً عروةً إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية (¬٤). وهذا لأن من لا يعرف الأمراض وأسبابها قد يغتر بالعافية، ولا يحترز من أسباب المرض أو ذاته، و [من] عرف سببه وعلامته فإنه يصلح
---------------
(¬١) أخرجه الخطابي في «العزلة» (ص ١٦٨). وقد روي موقوفًا على مطرف بن عبد الله، ومرفوعًا من حديث أنس. انظر «المقاصد» (ص ٢٣)، و «الضعيفة» (١٥٦).
(¬٢) العبارة في (ي، ز): «فهذا أمر عمر مع أنه لا تجوز عقوبة الحاكم بسوء الظن به». وهي ساقطة من (ب)، وفي (ل): «ولا تجوز عقوبة المسلم بسوء».
(¬٣) ولمزيد بيان لهذه المسألة انظر «الفوائد» (ص ٢٠١ - ٢٠٥) لابن القيم.
(¬٤) لم أعثر عليه، وقد ذكره المصنف في عدد من كتبه منسوبًا إلى عمر، وكذا تلميذه ابن القيم. لكن أخرج معناه ابن أبي شيبة: (٦/ ٤١٠)، وابن سعد: (٦/ ١٢٩)، والحاكم: (٤/ ٤٧٥)، وأبو نعيم في «الحلية»: (٧/ ٢٤٣) عن عمر بن الخطاب قال: قد علمتُ وربِّ الكعبة متى تهلك العرب. فقام إليه رجلٌ من المسلمين فقال: متى يهلكون يا أمير المؤمنين؟ قال: حين يسوس أمرَهم من لم يعالج أمر الجاهلية ولم يصحب الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

الصفحة 193