كتاب السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: الكتاب)

يعمل ما ينكره النبي - صلى الله عليه وسلم -، حتى إنه مرةً رفع يديه إلى السماء وقال: «اللهم إني أبرأ إليك مما فَعَل خالد» (¬١) لما أرسله إلى جَذِيمة (¬٢)، فقتلهم وأخذ أموالهم بنوع شبهة، ولم يكن يُجَوِّز ذلك، وأنكره عليه بعض مَن كان (¬٣) معه من الصحابة، حتى وَدَاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - وضمن أموالهم. ومع هذا فما زال يقدِّمه في إمارة الحرب؛ لأنه كان أصلح في هذا الباب من غيره، وفَعَل ما فَعَلَه بنوع تأويل.
وكان أبو ذر - رضي الله عنه - أصلح منه في الأمانة والصدق، ومع هذا فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يا أبا ذر إني أراك ضعيفًا، وإني أحبُّ لك ما أحبُّ لنفسي، لا تأمَّرَنَّ على اثنين، ولا تَوَلَّيَنَّ مالَ يتيم» رواه مسلم (¬٤). ونهى أبا ذر عن الإمارة والولاية لأنه رآه ضعيفًا. مع أنه قد رُوِي: «ما أظلَّت الخضراءُ ولا أقلَّت الغَبْراء أصدقُ لهجةً من أبي ذر» (¬٥).
---------------
(¬١) أخرجه البخاري (٤٣٣٩) من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -.
(¬٢) الأصل وف: «بني جذيمة»، خطأ.
(¬٣) من الأصل.
(¬٤) (١٨٢٦).
(¬٥) أخرجه أحمد (٦٥١٩)، والترمذي (٣٨٠١)، وابن ماجه (١٥٦)، والحاكم: (٣/ ٣٤٢) من حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما -. قال الترمذي: حديث حسن.
وأخرجه الترمذي (٣٨٠٢)، وابن حبان (٧١٣٢)، والحاكم: (٣/ ٣٤٢) من حديث أبي ذر - رضي الله عنه -. قال الترمذي: حديث حسن غريب، وصححه ابن حبان، والحاكم على شرط مسلم، وفيه نظر. وصححه الألباني.
وللحديث شواهد عن عدد من الصحابة.

الصفحة 20