كتاب السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: الكتاب)

نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} [طه: ١٣٢]، وقال سبحانه وتعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (٥٧) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات: ٥٦ - ٥٨].
والمقصودُ الواجب بالولايات: إصلاحُ دين الخلق الذين متى فاتهم خسروا خسرانًا مبينًا، ولم ينفعهم ما نَعِمُوا به في الدنيا، وإصلاحُ ما لا يقوم الدين إلا به من أمر دنياهم، وهو نوعان: قَسْم المال بين مستحقيه، وعقوبات المعتدين (¬١).
فمن لم يَعْتَدِ أصلحَ له دينَه ودنياه؛ ولهذا كان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقول: إنما بعثتُ عُمَّالي إليكم ليعَلِّموكم كتابَ ربكم، وسنةَ نبيّكم، ويقسموا بينكم فيأكم (¬٢).
فلما تغيرت الرعية من وجه، والرُّعاة من وجه، تناقضت (¬٣) الأمور. فإذا اجتهد الراعي في إصلاح دينهم ودنياهم بحسب الإمكان، كان من أفضل
---------------
(¬١) (ي): «المتعدين».
(¬٢) أخرجه أحمد (٢٨٦)، وأبو داود (٤٥٣٧)، والحاكم: (٤/ ٤٣٩)، والبيهقي: (٩/ ٤٢) من طريق أبي فراس عن عمر بن الخطاب، وإسحاق في «مسنده ــ كما في المطالب العالية: ١٥٨٥٩» من طريق عطاء قال: «كان عمر ... » الأثر، وغيرهم مطولًا، ورواه غيرهم مختصرًا. قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، ولم يتعقبه الذهبي، لكن مسلم لم يخرج لأبي فراس. وصححه أحمد شاكر في تعليقه على «المسند»: (١/ ٩٠). ولفظة: «ويقسموا بينكم فيأكم» جاءت في رواية الحاكم وإسحاق.
(¬٣) (ي، ز، ل): «تناقصت».

الصفحة 30