كتاب السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: الكتاب)

الفاسد، كذي الخُويَصرة الذي أنكره على النبي - صلى الله عليه وسلم -، حتى قال فيه ما قال.
وكذا حزبه الخوارج أنكروا على أمير المؤمنين علي - رضي الله عنه - ما قصدَ به المصلحة من التحكيم، ومَحْوِ اسمه، وما تركه من سبي نساء المسلمين وصبيانهم (¬١). وهؤلاء أمَرَ النبي - صلى الله عليه وسلم - بقتالهم؛ لأن معهم دينًا فاسدًا لا يصلح به دنيا ولا آخرة.

وكثيرًا ما يشتبه الورع الفاسد بالجبن والبخل، فإن كلاهما (¬٢) فيه ترك، فيشتبه ترك (¬٣) الفساد لخشية الله تعالى بترك ما يُؤمَر به من الجهاد والنفقة: جبنًا وبخلًا، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «شرُّ ما في المرء شُحٌّ هالعٌ وجُبْن خالع» (¬٤).
قال الترمذي: حديث صحيح.
وكذلك قد يترك الإنسان العمل ظنًّا أو إظهارًا أنه ورع، وإنما هو كِبْر
---------------
(¬١) انظر ما أنكره الخوارج على علي - رضي الله عنه - في «المعرفة والتاريخ»: (١/ ٥٢٢ - ٥٢٤) للبسوي، و «المسند» (٦٥٦)، و «البداية والنهاية»: (١٠/ ٥٦٤ - ٥٧٠).
(¬٢) (ي): «كلًّا منهما». وتشبه في الأصل: «كليهما». وقد جرت عادة الشيخ على إلزام (كلا) الألف كما هو ثابت بخطه.
(¬٣) سقطت من الأصل.
(¬٤) أخرجه أحمد (٨٠١٠)، وأبو داود (٢٥١١)، وابن أبي شيبة: (٥/ ٣٣٢)، وابن حبان «الإحسان» (٣٢٥٠)، والبيهقي: (٩/ ١٧٠) من طريق عُلَيّ بن رباح عن عبد العزيز بن مروان قال سمعت أبا هريرة به.

والحديث صححه ابن حبان، والمصنف في «الفتاوى»: (٢٨/ ٤٣٧)، وقال العراقي في «تخريج الإحياء»: (٢/ ٩١٠): سنده جيد. ولم أجد الحديث في الترمذي كما أشار المصنف، ولعله سبق قلم.

الصفحة 77