كتاب السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: الكتاب)

وكذلك ذوو الجاه (¬١) إذا حموا أحدًا أن يُقام عليه الحد، مثل أن يرتكب بعض الفلاحين جريمة، ثم يأوي إلى قرية نائب السلطان، أو أمير (¬٢) فيحتمي على الله ورسوله، فيكون ذلك الذي حماه ممن لعنه الله ورسوله، فقد روى مسلم في «صحيحه» (¬٣) عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لعن الله من أحدث حدثًا، أو آوى محدثًا». فكل من آوى محدِثًا من هؤلاء المُحْدِثين فقد لعنه الله ورسوله.
وإذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد قال: «إن من حالت شفاعته دون حدٍّ من حدود الله فقد ضادَّ الله في أمره» (¬٤) فكيف بمن منع الحدود بقدرته ويده، واعتاض من (¬٥) المجرمين بسُحْتٍ من المال يأخذه؟ ! لاسيما الحدود على سكان البر، فإن من أعظم فسادهم: حماية المعتدين منهم بجاه أو مال، سواء كان المال المأخوذ لبيت المال أو للوالي سرًّا أو علانية، فذلك جميعه محرم بإجماع المسلمين، وهو مثل تضمين الحانات والخمر (¬٦)، فإنَّ من مكَّنَ من ذلك أو أعان أحدًا عليه بمال يأخذه فهم (¬٧) من جنسٍ واحد.
والمال المأخوذ على هذا شبيهٌ بما يُؤخذ من مهر البغيِّ، وحُلوان
---------------
(¬١) (ي): «الجاهات»، (ل): «الحاجة».
(¬٢) (ز): «أمين» ومحتملة في (ب).
(¬٣) (١٣٧٠)، وأخرجه البخاري أيضًا (١٨٧٠).
(¬٤) تقدم تخريجه (ص ٨٤).
(¬٥) بقية النسخ: «عن».
(¬٦) «والخمر» ليست في الأصل.
(¬٧) (ي): «فهو»، (ف، ظ، ب، ل): «يأخذه منهم».

الصفحة 94