كتاب السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: الكتاب)

الكاهن، وثمن الكلب، وأجرة المتوسط في الحرام الذي يُسمَّى: القوَّاد، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ثمن الكلب خبيث، ومهر البغيِّ خبيث، وحُلوان الكاهن خبيث» رواه البخاري (¬١).
فمَهْر البغيِّ هو الذي يسمَّى: جُذور القِحاب (¬٢)، وفي معناه ما يُعطاه المخنَّثون الصبيان من المماليك أو الأحرار على الفجور بهم [أ/ق ٢٩]. وحُلوان الكاهن مثل حلاوة المنجم ونحوه، على ما يخبر به (¬٣) من الأخبار المبشرة بزعمه، ونحو ذلك.
وولي الأمر إذا ترك إنكار المنكرات وإقامة الحدود عليها بمالٍ يأخذه= كان بمنزلة مُقَدَّم الحراميَّة الذي يُقاسم المحاربين على الأخِيْذة (¬٤)، وبمنزلة القوَّاد الذي يأخذ ما يأخذه ليجمع بين اثنين على فاحشة. وكانت حاله شبيهًا بحال عجوز السوء امرأة لوط التي خانته، فكانت (¬٥) تدلُّ الفجارَ على ضيفه التي قال الله فيها: {فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ} [الأعراف: ٨٣]، وقال تبارك وتعالى: {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ} [هود: ٨١]، فعذَّب الله عجوزَ السوء القوَّادة بمثل ما عذَّبَ القوم السوء الذين كانوا يعملون الخبائث، وهذا
---------------
(¬١) (٢٢٣٧)، وأخرجه مسلم أيضًا (١٥٦٧) من حديث أبي مسعود الأنصاري - رضي الله عنه -.
(¬٢) انظر في استعمال هذا اللفظ: «أخلاق الوزيرين» (ص ١٤٧)، واستعمل أيضًا في أجور المغنيات والقيان، انظر «نشوار المحاضرة»: (١/ ١٧٨، ١٨٣، ٣٠٤).
(¬٣) (ف): «يخبرونه».
(¬٤) (ف): «الأخذ». والأخيذة: هي الشيء المأخوذ المغتصب. «اللسان»: (٣/ ٤٧٠).
(¬٥) بقية النسخ: «التي كانت».

الصفحة 95