كتاب التعليقة على كتاب سيبويه (اسم الجزء: 2)
في معنى (لَما آتِكم)، وإذا كانت (ما) بمنزلة (الذي) فلا موضعَ لـ (آتَيْتُكم)، لأنّه في صلة الذي، وما في صلة (الذي) لا موضعَ له، ألا ترى أنّ الفعلَ منها ليس بأولى من الاسم؟! وقد تصِلُ الموصولَ بالفعل والفاعل، وما رَجَعَ إليهما في المعنى كما تصله بالمبتدأ والخبر، فليس إحدى الجملتين بأوْلى بالموضع من الأخرى، وإنّما يُحكمُ على الجُملة أنّها في موضع إعْرابٍ، إذا وقَعَتْ موقعَ مُفْردٍ، كما يُحكمُ في قولك: كان زيدٌ أبُوه منطلقٌ بأنَّ موضعَ الجملةِ نصبٌ لوقوعِه موقعَ المُفرد، وليست الجملة في الصّلة واقعةً موقعَ مُفْردٍ ولا هي مِنْ مواضع المفردات، ومَنْ حَمَلَ (ما) على (الذي) في الآية لم يكن لـ (جاءكم) في قوله تعالى "ثم جاءكم رسولٌ" عنده موضعٌ، ومَنْ حَمَلَها على أنّها لِلْمُجازاة كان موضعُ (جاءكم) جَزْمًا لعطفه إيّاه على ما هو في موضع جزمٍ.
قال الخليلُ في قوله تعالى "لظلّوا" (ليظلُّنَّ) كما تقول: واللهِ لا فَعَلْتُ ذاك أبدًا، تريدُ معنى (لا أفعلُ)، وقالوا: لَئِنْ زُرْتَهُ ما يقبَلُ منكَ، وقال: لَئِنْ فَعَلْتَ ما فَعَل، يريدُ ما هو فاعِلٌ وما يفعَلُ، كما
الصفحة 214
296