كتاب التعليقة على كتاب سيبويه (اسم الجزء: 2)

قال أبو علي: إذا قلت: وجدْتُك أنّك صاحبُ كُلِّ خَنىً لم يَجُزْ أنْ يكونَ (أنّكَت) المفعولَ الثاني لوَجَدْتُ، لأنّ (أنّ) مع ما بعدَه في تأويل المصدر، فكأنّك قلت: وجدتُك صُحْبَةَ كُلِّ خَنىً، والمخاطبُ لا يكونُ صُحْبَة، فإنْ أمَرْتَ أنْ يتكلّم بها، فجَعَلْتَ (وجدْتُ) هي التي بمعنى قلتُ وجدْتُك أنّك صاحبُ كُلِّ خَنىً فَكَسْرٌ.
وإنْ جَعَلْتَ أنّ مع الجملة الدّاخلة عليها (أنّ) في موضع نصبٍ لأنّه مفعولٌ ثانٍ، والعائدُ إلى المفعولِ الأوّل الكافُ مِنْ (أنّك). وإنْ جعَلْتَ التي هي مِنْ وِجْدان الضّالّةِ كَسَرْتَ (إنّ)، ولم تكن في موضعِ مفعولٍ ثانٍ، لأنّ هذا يتعدّى إلى مفعولٍ واحدٍ، لكِنَّ هذه جُمْلَةٌ أتْبَعْتَها جُملة، وجاز ألاّ تَرْبِطَ الثّانية بالأولى بحرفِ العطفِ لتعلُّقِ الثّانية بالأولى.
قال: وذلك لأنّك لو قلتَ: أرى أنّه منطلقٌ، فإنّما وقع الرّأيُ على شيءٍ لا يكون الكافُ التي في (وَجدْتُكَ)، لأنَّ (وَجَدْتُ) داخلٌ على المبتدأ والخبر إذا لم يكن بمعنى وجدان الضّالّة، فحُكْمُ المفعول الثاني أنْ يكون الأوّلَ وما فيه ذكرُه، كما أنّ خبر المبتدأ لا يكون إلا كذلك، والمخاطَبُ لا يكونُ صُحْبَةَ الخَنى على حالٍ، إلاّ أنْ تَحْمِلَهُ على مثلِ قولِك:

الصفحة 243