كتاب التعليقة على كتاب سيبويه (اسم الجزء: 2)

قال: ما إنْ زيدٌ ذاهبٌ، كما أنّ مَنْ قال: إنَّ زيدًا منطلقٌ إذا أدْخَلَ (ما) قال: إنّما زيدٌ منطلقٌ، ولا يجوزُ أنْ تكون (إنْ) في قولك: (ما إنْ لنا فيه)، كالتي في قوله "إن الكافرون إلا في غرور"، لأنّها لو كانت تلك، لَكان الكلامُ إيجابًا.
قال: ويكونُ الكلامُ على التّفسير الذي فَسَّرَه الخليلُ في بابِ (إنّ) الثّقيلة والتفسيرُ الأوّلُ لغيرِ الخليل، وجُملةُ القول إنَّ مَنْ كان (إنْ) هناك عندَه في موضع كان (إنْ) هنا عنده في موضع جَرّ.
قال: وتقول: إنّي مِمّا أنْ أفْعَلَ ذاك، كأنّه قال: إنّي مِن الشّأن أو الأمر أنْ أفْعَلَ، فوقَعَتْ (ما) هنا كما تقول العربُ، بِئْسَما، يريدون بِئْسَ الشَّيْءُ.
قال أبوعلي: موضع (إنْ) في قولك: إنّي مِمّا أنْ أفْعَلَ ذاك رفعٌ، وقدْ أقيمَ المضاف إليه مقام المضاف، كأنّك قلت: إنّي من الأمر صاحِبَ أنْ أفْعَلَ، أي صاحِبَ فِعْلِ ذلك، فحذفْتَ المضاف أعني (صاحب) المُقَدَّرَ.
قال: وتقول: ائْتني بعد ما تقولُ ذاك القولَ، كأنّك قلت بعد قولك ذاك القولَ، كما أنّك إذا قلت بعدَ أن تقولَ، فإنّماتريد [بعد] ذلك. أي المصدرَ، ولو كانت (بعدَ) مع (ما) بمنزلة كلمةٍ واحد لم تقلْ:

الصفحة 266