كتاب تهافت العلمانية في الصحافة العربية

طَبِيعَةُ الحُكْمِ الإِسْلَامِيِّ:
الإسلام يجعل التشريع من عند الله وهو تشريع قد اكتمل في القرآن والسنة النبوية فلا يملك حاكم أو محكوم أن يضع تشريعًا يخالفها.
والحاكم يختاره الشعب ومهمته تنفيذ شرع الله، وهو التشريع سالف الذكر، فالحاكم ليست له حقوق وسلطات الحاكم في النظام الديمقراطي، فلا يوجد في النظام الإسلامي ما عرف باسم سلطات رئيس الدولة بل يوجد واجبات الخليفة.
وطاعة الحاكم في الإسلام مقيدة ومشروطة بالتزامه بالقرآن والسنة، للحديث النبوي: «لاَ طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةٍ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي المَعْرُوفِ». قال الماوردي: «فَإِذَا تَكَامَلَتْ فِيهِ [فَهِيَ العَدَالَةُ] التِي تَجُوزُ بِهَا شَهَادَتُهُ، وَتَصِحُّ مَعَهَا وِلَايَتُهُ، وَإِنْ انْخَرَمَ مِنْهَا وَصْفٌ مُنِعَ مِنَ الشَّهَادَةِ وَالوِلَايَةِ، فَلَمْ يُسْمَعْ لَهُ قَوْلٌ وَلَمْ يَنْفُذْ لَهُ حُكْمٌ».
وقال الإمام ابن حزم الأندلسي: «فَإِذَا زَاغَ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُمَا، مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ وَأقِيمَ عَلَيْهِ الحَدُّ وَالحَقُّ، فَإِنْ لَمْ يُؤْمَنْ أَذَاهُ إِلَّا بِخَلْعِهِ، خُلِعَ وَوُلِّيَ غَيْرُهُ». والحكم الإسلامي من أهم خصائصه أن يكفل الحريات العامة للإنسان، وأهمها الحرية الشخصية وحرية التنقل وحق الأمن وحق السكن وحرمته، وحرية العقيدة والفكر وحرية التملك وحرية العمل.
إن هذه الطاعة للحاكم هي في حقيقتها طاعة للهِ الذي أمرنا باتباع هذا التشريع وطاعة من التزم به: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} (¬1) ... (¬2).

حِوَارٌ حَوْلَ المَفْهُومِ الإِسْلَامِيِّ لِحَاكِمِيَّةِ اللَّهِ:
لَيْسَ صَحِيحًا أَنَّ الحَاكِمِيَّةَ حُكُومَةَ كَهَنُوتٍ:
في يوم الجمعة الماضي نشر بالصحيفة شعار الحاكمية لله، أن السلطان السياسي في المجتمع الإسلامي ليس حَقًّا من حقوق الأمة، فالبشر ليسوا هم الحكام في مجتمعاتهم، وإنما الحاكم في هذه
¬__________
(¬1) [النساء: 80].
(¬2) " الوطن " 3/ 1 / 1986، وفصل ذلك في كتاب " الغزو الفكري للتاريخ والسيرة " للمؤلف.

الصفحة 271