كتاب تهافت العلمانية في الصحافة العربية

المَفْهُومُ الإِسْلَامِيُّ لِلْحَاكِمِيَّةِ:
يتضح من الأقوال السابقة والتي نقلناها من كتاب الدكتور (عمارة) بالحرف ما يأتي:
1 - ينسب إلى بعض العلماء والفقهاء المسلمين المعاصرين أنهم يستخدمون اصطلاح الحاكمية لله بمعنى الحكومة الإلهية، وهذا غير صحيح على إطلاقه.
2 - يخلطون بين السلطة والتشريع، ويرتب على ذلك اتهامه لمن يقولون: إن الحاكم في السياسة والاقتصاد هو الله، بكونهم يريدون أن يحكموا الناس بالسلطان الإلهي المقدس المعروف في الكنيسة ولا يحكمون نيابة عن الناس.
3 - يخلطون بين مفهوم نظرية الإسلام السياسية المتضمن التزام المسلمين بنصوص القرآن والسنة في أمورهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية وبين سلطة الشعب في النظام الديمقراطي. وفيما يلي بيان هذه الأمور بإيجاز:

أَوَّلاً: بَيْنَ الحُكُومَةِ الإِلَهِيَّةِ وَحَاكِمِيَّةِ اللَّهِ:
لقد كان من أثر انحراف رجال الدين في أوروبا أن زعموا أنهم مفوضون عن الله في حكم الناس، وأنهم ينوبون عن الله في التشريع والتحليل والتحريم، وبالتالي بيدهم حق إدخال الجنة وحرمان الناس منها وإدخالهم النار، وهذا ما عرف باسم صكوك الغفران والحرمان. وقد نشأ عن ذلك ما عرف باسم الحكومة الدينية أو «الثيوقراطية» التي حرقت العلماء وصادرت حريات الناس باسم الحق الإلهي سالف الذكر.
ولقد جاء بعض الغافلين عن حقيقة الإسلام وحاولوا وصف الحكم الإسلامي بالحكومة الإلهية أو الدينية، قال ذلك الشيخ (خالد محمد خالد) في كتابه " من هنا نبدأ "، ولكن بعد ثلاثين عَامًا أعلن خطأه في كتاب صدر سنة 1982 باسم " الدولة في الإسلام ".
ولكن الدكتور (عمارة) يعود إلى ما انتهى إليه سلفه، ويتجنب البداية الأولى الخاطئة والتي لم يستطع منصف من اليهود أو النصارى أن يقول بها، لكنه يرى أن هذا الخلط عند بعض المعاصرين وهذه أقوالهم التي تثبت عكس ذلك.
1 - فالإمامان أبو الأعلى المودودي، وسيد قطب، هما أشهر من استخدم مصطلح «الحَاكِمِيَّةِ لِلَّهِ»، ولكنهما لم يتركا المجال للربط بين هذا المصطلح وبين نظام الحكومة

الصفحة 273