كتاب تهافت العلمانية في الصحافة العربية

ثَانِيًا: السُّلْطَةُ لِلْأُمَّةِ وَالتَّشْرِيعُ مِنَ اللَّهِ:
لقد ربط الدكتور (عمارة) بين سلطة الأمة في تعيين الحاكم ومحاسبته وعزله، وبين الحق الإلهي المقدس في أوروبا والذي يجعل البابوات أصحاب السلطان والتشريع ولا سلطات للأمة ولهذا قال: «إن من يقولون إن الحاكم في الاقتصاد والسياسة هو الله، يريدون أن يحكموا الناس بالسلطان الإلهي المقدس المعروف في الكنيسة ولا يحكمون نيابة عن الناس».
إن الذين ينادون بحاكمية الله للبشر قد أوضحوا كما نقلنا عن المودودي وسيد قطب، عن أن الحاكمية لا تنطوي أبدًا على أن يباشر حكام بأعينهم سلطانًا من الله على الناس كما كان في أوروبا، بل تقوم الحاكمية لله بأن تكون شريعة الإسلام هي مصدر التشريع، ولا يختلف الفقهاء قديمًا وحديثًا في أن نظام الحكم في الإسلام يقوم على قاعدة أن السلطان للأمة أي الحكم لها، وذلك من خلال مبادئ ثلاثة هي البيعة والشورى ومحاسبة الحكام.
وسلطان الأمة لا يعني أنها تشرع من دون الله، بل من خلال مبادئ القرآن والسنة بحيث لا يصدر تشريع يخالف هذه المبادئ.

ثَالِثًا: السِّيَادَةُ بَيْنَ الإِسْلَامِ وَالعِلْمَانِيَّةِ:
لقد ظهر اصطلاح معاصر يسمى نظرية السيادة أضفى عليها بعض الكُتَّابِ قدسية تعلو على ما يصدر عن الله تعالى.
ويعرف البروفسور (ويسمن) السيادة بأنها «سلطة أصلية مكلفة غير محددة تهيمن على الأفراد والجماعات». كما تعرف بأنها «حق النفوذ والسلطان والأمر والنهي وما يتبع ذلك من جزاء» (¬1).
هذه السيادة جعلها غير المسلمين للأمة وذلك كنتيجة طبيعية لنظام رجال الدين في أوروبا ولهذه ارتبطت بفصل الدين عن الدولة وجعل سلطة التشريع للناس وليس للهِ.
ومن هذه النظرية نشأ النظام الديمقراطي فكانت الأمة هي مصدر التشريع ومصدر السلطات.
¬__________
(¬1) " أصول الحكومة الدستورية " ترجمة زعيتر: ص 31؛ و" السياسة والحكم في ضوء الدساتير المقارنة ": ص 259.

الصفحة 275