كتاب تهافت العلمانية في الصحافة العربية
ربانية تتنافى تمامًا مع روح الإسلام ونصل إلى أن الاستبداد يكون بمخالفة الإسلام».
فأيهما نتبع، فلسفة الغرب ومن أخذ عنهم أم قول الله تعالى؟. فالدكتور (عمارة) يرى أن روح الإسلام هو في الالتزام بمبدأ الأمة مصدر السلطات وهذا يخول لأعضاء المجالس التشريعية أن يصدروا من القوانين ما يريدون حتى لو أباحوا الزنا والشذوذ الجنسي، كما هو حاصل اليوم في بعض دول أوروبا، ثم هل يكون الالتزام بشريعة الله وسيلة لإضفاء قدسية على الحاكم تمكنه من العودة إلى حكم كسرى وقيصر وحكم البابوات في أوروبا وهذا لم يقل به علماء الإسلام مع أن الذي يمكن الحاكم من هذا الطغيان هو نظرية السيادة، فالسلطة التشريعية للأمة التي يجعلها الغربيون بديلاً عن تشريع الله، فالنواب الذين يوصلهم بعض الحكام إلى المجلس التشريعي يضعون لهم ما يريدون من القوانين، لأنه لا يوجد أي قيد على التشريعات الصادرة عن هذا المجلس حيث أصبح أعضاؤه يمثلون الحق الإلهي المقدس الذي ظن العلمانيون أنه قد أبطلته نظرية السيادة للأمة.
إن تقييد السلطة التشريعية بالقرآن والسنة النبوية أنفع للناس، فهما مصدران معلومان للكافة وليس فيهما ما يضفي قدسية على الحاكم بل ينفرد التشريع الإسلامي عن سائر التشريعات الوضعية في الشرق أو الغرب بتجريد الحاكم من كل قدسية وهيمنة وجعله كباقي البشر، بينما الأمر ليس كذلك في غير الإسلام.
فضلاً عن ذلك فإن المسلم يعتقد أن حكم الله أصلح له في الدنيا ويدرأ عنه العذاب في الآخرة، وحسبنا قول الله تعالى: {قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ} (¬1).
وهل من مصلحة جماهير الناس أن يتنازلوا عن هذه الحماية التي كفلها الإسلام لهم، ويفوضوا المجلس التشريعي في أن يمارس الحق الإلهي المقدس لصالح فئة قليلة من أصحاب النفوذ والسلطان كما هو ملموس في عدد من البلاد النامية وغيرها.
وأخيرًا إذا كان هؤلاء الناس يملكون نسخ تشريع الله باسم شعار الأمة مصدر السلطات، فهل لدى الدكتور (عمارة) دليل على أن الشعب المسلم قد اختار هذا بحريته أم أنه ليس هو مصدر السلطات؟.
أمام هذا يلزم أن يحدد الدكتور (عمارة) قصده من قوله: «من ذا الذي ينكر حكم الله؟ ومن ذا الذي يجادل ويماري في انتفاء سلطات الأمة أمام سلطان المولى - سُبْحَانَهُ
¬__________
(¬1) [البقرة: 140].
الصفحة 277
286