كتاب تهافت العلمانية في الصحافة العربية
بسم الله الرحمن الرحيم
تَقْدِيمٌ:
العلمانية هى ترجمة لكلمة (SECULARISM) ومعناها القواعد التي لا تربط بالقواعد الكنسية أو الأنظمة الدينية، فلا تبالى بالدين والاعتبارإت الدينية، وقد ظهرت كمذهب أو مصطلح يناهض انحرافات الكنيسة في أوروبا بما كانت تفرضه من صكوك الغفران والحرمان، ومن تحريم البحث في العلوم التجريبية، كالطب أو الهندسة أو الصناعة والمعمار ومن قتل أو سجن من يبحث في هذه العلوم بدعوى أنه يعارض المشيئة الإلهية.
وبالتالى كان رد الفعل فى ظل الثورة الفرنسية سنة 1789 م هو إبعاد الدين عن الحياة وعن المجتمع، فهذه الظروف تمخض عنها النظام العلماني الذي يفصل بين الدين والمجتمع، ويعزل الدين عن القوانين والتشريعات كلها فيما عدا قانون الأحوال الشخصية، بل هذا القانون اضطرت أوروبا إلى الخروج فيه على الدين هناك توصلاً إلى الطلاق الذي تحرمه ديانتهم، ولهذا نشأ نظامان للزواج، هما الزواج المدني، والزواج الكنسي.
ثم كان رد الفعل الأكثر تطرفًا وهو الشيوعية التي تبناها (كارل ماركس)، وهي تنكر الأديان، وتشترك مع شيوعية «مزدك» الذي ظهر في فارس قبل نزول القرآن الكريم، في الدعوة إلى شيوعية المال والجنس، وبالتالي فالتيار الشيوعي هو فرع من فروع التيار العلماني.
إنه على الرغم من أن هذا النوع من الحكم الديني لم تعرفه البلاد العربية والإسلامية، لأن الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد بُعِثَ ليخرج الشعوب من الظلمات، وَلِيُحِلَّ لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم الأغلال التي كانت عليهم. ولهذا فرق بين ما يخضع للتجربة - أي كان للعقل فيه مجال - وبين ما كان مصدره الوحي من الله، وهو ما لا يخضع للتجارب، أي للعقل، فأطلق حرية البحث في النوع الأول وقال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَنْتُمْ أَعْلَمُ [بِأَمْرِ] دُنْيَاكُمْ». وقيده في النوع الثاني وذلك لأن مصدره هو الوحي
الصفحة 5
286