كتاب تحقيقات وأنظار في القرآن والسنة

نجحوا في العاجلة والآجلة، وقد يجمع الدعاة في الصيغة الواحدة بين الأمرين فينتحلون أخبارًا معزوة للرسول - صلى الله عليه وسلم - على أنها مما أخبر عنه الرسول من علم الغيب المقطوع بوقوعه فيحصل بذلك أثران في مؤثر واحد، ومن شأنهم فيما يصنعونه من الأخبار أن يدسوا فيها ذكر أمارات تناسب زمانهم أو حالهم أو أنسابهم أو مواطنهم أو اسم أحد من أئمتهم ليتبين كونهم المقصود من ذلك الخبر، فإن أعوزهم ذلك لقبوا بعض دعاتهم بألقاب تواطئ ما سبق من الأخبار، ولقد تصفَّحنا أنواع ما يعدونه لهذا الغرض فإذا هي ثلاثة أنواع:
النوع الأول: آثار مروية يرجعونها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
النوع الثاني: أخبار غيبية يكتبونها بأيديهم ويعزونها امن ينسب إليه الكشف أو التنبؤ بالغيب، ثم يبثونها في العامة ويعبرون عنها بالأجفار؛ لأنها تكتب في رق جفر وهو الصغير من أولاد المعز.
النوع الثالث: أخبار اضطهاد فيها مبالغات أو مختلفة من أصلها، من شأنها أن ترقق قلوب سامعيها على الجانب المضطهد علمًا بأن النفوس تميل إلى الضعيف وإن ابتدأ بالظلم، وأن النفوس تتأثر بالشيء المشاهد، ولا تلتفت إلى ما غاب عنها بتعاهد.
فإن تحققت أمانيهم من هذه الثلاثة فذاك، وإن خابت اختلفوا أخبارًا يحيون بها لأنصارهم الأمل ويدفعون بها عنهم الفشل حتى يعود نهوضهم بعد دهشة الانهزام، وحتى لا تنقطع آمالهم في مستقبل الأيام، لما سقط في أيدي شيعة الهاشميين، كما قلنا جعلوا الأمر لمن بقي من أبناء أمير المؤمنين سيدنا على - رضي الله عنه - وهو السيد محمد الملقب بابن الحَنفيَّة.
وزعم غلاتهم أنه لم يمت ولا يموت حتى ينصر دين الله؛ ولأنه مختفٍ بغار في جبال رضوى ولقبوه بالمهدي، وقد قال في ذلك شاعر الشيعة إسماعيل الحميري:
ألا إن الأئمة من قريش ... ولاة العدل الحق أربعة سواء
علي والثلاثة من بنيه ... نعم أسباطه والأوصياء

الصفحة 53