كتاب تاريخ بغداد ت بشار (اسم الجزء: 2)
2 - محمد بن إسحاق بن حرب أبو عبد الله اللؤلؤي السهمي مولاهم من أهل بلخ ويعرف بابن أبي يعقوب،
كان حافظا لعلوم الحديث والأدب، عارفا بأيام الناس، وقدم بغداد فجالس بها الحفاظ من أهلها وذاكرهم.
وحدث عن مالك بن أنس، وخارجة بن مصعب، وبشر بن السري، ويحيى بن اليمان، وخالد بن عبد الرحمن المخزومي، وغيرهم.
روى عنه: أبو بكر بن أبي الدنيا، والفضل بن محمد اليزيدي، وأبو عبد الله بن أبي الأحوص الثقفي، وعبيد الله بن أحمد بن منصور الكسائي الرازي، ولم يكن يوثق في علمه.
(137) -[2: 36] أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْقَاسِمِ النَّرْسِيُّ، قَالا: أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الشَّافِعِيُّ، قَالَ: حدثنا الْحُسَيْنُ بْنُ عُمَرَ الثَّقَفِيُّ، قَالَ: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْبَلْخِيُّ، قَالَ: حدثنا يَعْقُوبُ بْنُ سَوَادَةَ الطَّائِيُّ، ثُمَّ النَّبْهَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ، قَالَ: قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آخِرِ الْجَاهِلِيَّةِ وَأَوَّلِ الإِسْلامِ، فَاستْقَدَمَ زَيْدٌ الْخَيْلَ، وَهُوَ زَيْدُ بْنُ مُهَلْهَلٍ الطَّائِيُّ، فَسَلَّمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ وَقَفَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تَقَدَّمْ يَا زَيْدُ، فَمَا رَأَيْتُكَ حَتَّى أَحْبَبْتُ أَنْ أَرَاكَ ".
فَتَقَدَّمَ زَيْدٌ، فَشَهِدَ شَهَادَةَ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، ثُمَّ تَكَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: يَا زَيْدُ مَا أَظُنُّ فِي طَيِّئٍ أَفْضَلَ مِنْكَ؟ قَالَ: بَلَى وَاللَّهِ، إِنَ فِينَا حَاتِمًا الْقَارِيَ للأَضْيَافِ، وَالطَّوِيلَ الْعَفَافِ.
قَالَ: فَمَا تَرَكْتَ لِمَنْ بَقَى خَيْرًا.
قَالَ: إِنَّ مِنَّا لَمَقْرُومَ بْنَ حَوْمَةَ الشُّجَاعَ صَدْرًا، النَّافِذَ فِينَا أَمْرًا.
قَالَ: فَمَا تَرَكْتَ لِمَنْ بَقِيَ خَيْرًا.
قَالَ بَلَى وَاللَّهِ ...
وَذَكَرَ الْحَدِيثَ أَخْبَرَنَا علي بن محمد بن الحسين الدقاق، قَالَ: أخبرنا الحسين بن هارون الضبي، عن أبي العباس بن سعيد، قَالَ: محمد بن إسحاق البلخي اللؤلؤي، سمعت محمد بن عبيد الكندي، يقول: قدم الكوفة قبل سنة ثلاثين ومائتين، وكان من أحفظ الناس، كان يجلس مع أبي بكر بن أبي شيبة، فلا ينبعث معه أبو بكر إنما يهدر هدرا.
قرأت على الحسن بن أبي القاسم، عن أبي سعيد أحمد بن محمد بن رميح النسوي، قَالَ: سمعت أحمد بن محمد بن عمر بن بسطام، يقول: سمعت أحمد بن سيار بن أيوب، وذكر من كان ببلخ من أهل العلم، فقال: وكان بها إنسان يقال له: ابن أبي يعقوب، واسمه محمد بن إسحاق أبو عبد الله، وكان لا يخضب، وكان قد قارب ثمانين سنة، وكان آية من الآيات في حفظ الحديث ومعرفة أيام الناس، وله لسان وبصر بالشعر، ومعرفة بالأدب، ولا يكلمه إنسان إلا علاه في كل فن، وقدم بغداد في سنة اثنتين وعشرين ومائتين، فذكره أبو خيثمة زهير بن حرب وذكر حفظه، فقال: لا تعرف هذا؟ قلت: ليس هو من أهل مرو.
فقال: هو خراساني وأنت خراساني.
قلت: خراسان كبيرة.
فذكر حفظه وما هو فيه من العلم، وذكر لي أنهم سألوه: ما أقدمك بغداد؟ قَالَ: قدمت لأحفظ كتب أرسطاطاليس.
قَالَ أحمد بن سيار بن أيوب: فذكرته لأبي رجاء قتيبة، فجعل يذكره بأسوأ الذكر، قَالَ: وسمعت أبا رجاء: يقول حدثت أنه بالكوفة شتم أمير المؤمنين، فأرادوا أخذه فهرب من ثم.
قَالَ أحمد: وَأَخْبَرَنِي أبو حاتم الجوزجاني أن ابن أبي يعقوب كان إذا نظر إلى العربي، يقول: ممن الرجل؟ فيقول: من بني فلان، فيقول: أتعرف من فيهم من الشعراء؟ ثم يبتدئ، فيقول: فلان وفلان وشعره كذا وكذا، وشعره كذا وكذا، والعلماء منهم فلان وفلان، ومن صحب منهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلان وفلان، ومن كان منهم من القواد.
قَالَ: فيبقى الرجل مبهوتا.
وإن ناظره صاحب عربية، قَالَ: فيحدث كلمة، فيقول: تعرف كذا وكذا؟ فإن قَالَ: ليست هذه عربية، قَالَ: يقول فيها الشاعر كذا وكذا، وَقَالَ فلان كذا وكذا فيضع شعرا على تلك الكلمة، وإن لقي صاحب حديث، فيذاكره فيسأله عن أبواب لا يعرف فيها حديث، فيقول: فيه كذا وفيه كذا كذا.
وزعموا أنه ذاكر ابن الشاذكوني، فكان كل واحد منهما ينتصف من صاحبه، فقال له ابن أبي يعقوب: أي شيء عندك في كذا؟ لشيء ذكره، فلم يكن عند سليمان في ذلك شيء، قَالَ: فروى له فيه بابا ثم قام، فقال ابن الشاذكوني: ليس من ذا شيء.
الصفحة 35
653