كتاب توضيح الأحكام من بلوغ المرام (اسم الجزء: 1)

وذهب بعضهم، ومنهم مالك: إلى أنَّهما تصليان بأذانين، وإقامتين.
وذهب بعضهم، ومنهم إسحاق بن راهويه: إلى أنَّهما تصلَّيان بإقامتين، بدون أذان.
وذهب بعضهم، ومنهم الشافعي وأحمد: إلى أنَّهما تصلَّيان بأذانٍ واحدٍ، وإقامتين.
وسبب الاختلاف: تعدُّد الروايات، وبما أنَّه خلافٌ على واقعة واحدة، فإنَّ ابن القيِّم وأمثاله من المحقِّقين حكموا على متون هذه الروايات بالاضطراب، وصحَّحوا رواية جابر الَّذي تتبَّع حجَّة النَّبي -صلى الله عليه وسلم- من أوَّلها إلى آخرها، ورواية جابر هو أنَّه -صلى الله عليه وسلم- صلاَّهما بأذانٍ واحدٍ وإقامتين، وهذا هو مذهب الإِمامين الشَّافعي وأحمد، رحمهما الله تعالى.
واختلفوا في حكم الجمع إذا وصَلَ مزدلفة قبل دخول العشاء:
فالمشهورُ من مذهب الإمام أحمد: أنَّه يصلِّي كلَّ صلاةٍ في وقتها؛ لأنَّ عذره في الجمع زال.
وذهب بعضهم: إلى أنَّه يؤخِّر المغرب حتَّى يدخُلَ وقت العشاء؛ ليجمع بينهما، تحقيقًا للجمع المشروع في هذه الليلة.
وذهب بعضهم: إلى أنَّه يصلِّيهما جمعًا متى وصل، سواءٌ في وقت المغرب أو بعد دخول وقت العشاء، وهذا هو الأرجحُ؛ لأنَّه حصَلَ الجمعُ المراد، وحصَلَ به الصلاةُ من حين الوصول.
***

الصفحة 525