كتاب توضيح الأحكام من بلوغ المرام (اسم الجزء: 2)

- أشكلت: أشكَلَ يُشْكِلُ إشكالاً، أي: التبَسَتْ علينا جهةُ القبلة، في تلك الليلة المظلمة.
*ما يؤخذ من الحديث:
1 - إذا أشْكَلَتْ جهةُ القبلة على المسافر، وصلَّى، ثمَّ تبيَّنَ له خطؤه، فصلاته صحيحة، سواءٌ علم بالخطأ في الوقت، أو بعده.
2 - أنَّ استقبال القبلة شرطٌ من شرائط الصَّلاة، لا تصحُّ بدونه، سواءٌ أكانت الصَّلاة فرضًا أو نفلاً؛ لقوله تعالى: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: 144].
3 - قال الشيخ تقي الدِّين: استقبالُ القبلة في الصلاة من العلم العامِّ عند كل أحد، وأنَّه من شرائط صحَّة الصَّلاة.
قال ابن رشد: ما نُقِلَ بالتواتر، كاستقبال القبلة، وأنها الكعبة، لا يردُّه إلاَّ كافر.
4 - قال العلماء: ومن قَرُبَ من الكعبة بأنْ أمْكَنَهُ معاينتها، ففرضهُ إصابةُ عينها، وأمَّا من بَعُدَ عنها، ففرضُهُ استقبالُ جهتها.
قال في الإنصاف: البعد هنا هو بحيثُ لا يقدرُ على المعاينة، ولا على من يخبرهِ بِعِلْمٍ، وليس المرادُ مسافةَ قصر ولا ما دونها.
5 - تفسيرُ الايَة الكريمة، قال ابن جرير: نزلتْ هذه الآية في قوم عَمِّيَتْ عليهم القبلة، فصلَّوْا على أنحاء مختلفة؛ فقال تعالى: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّه} [البقرة: 115].
6 - علماء السلف أثبتوا لله تعالى جهة علوِّ تليقُ بجلال الله وعظمته، ملاحظين في ذلك انتفاءَ إحاطةِ شيء به سبحانه وتعالى؛ فهو جلَّ وعلا المحيطُ بكلِّ شيء.
***

الصفحة 16