كتاب توضيح الأحكام من بلوغ المرام (اسم الجزء: 2)

وأشار البخاري إلى صحَّته في جزء القراءة، وهو الأقرب.
* مفردات الحديث:
- إلاَّ المقبرة. المستثنى هنا يجبُ فيه النصب، ولا يجوز غيره؛ ذلك أنَّ المستثنى واقعٌ في كلامٍ تامٍّ موجب.
والمقبرة: مثلَّثة الباء، وهي موضعُ القبور.
- مسجد: بفتح الجيم وكسرها: الموضعُ الَّذي يُسْجَدُ فيه، وهو مشتقٌّ من سَجَدَ يَسْجُدُ سجودًا، أي: خضع وذلَّ، وكل موضع يتعبَّد فيه فهو مسجد.
- الحَمَّام: بفتح الحاء، وتشديد الميم، جمعه حمَّامات، هو المغتسل، مذكَّر، وقد يؤنث.
* ما يؤخذ من الحديث:
1 - الأرضُ كلُّها مسجد، فأي بقعةٍ من الأرض حضَرَتِ المسلمَ فيها الصلاةُ صلَّى فيها، وهذا ما يفيده أحاديث كثيرة، منها: حديث: "أُعطيت خمسًا لم يعطهنَّ أحدٌ من قبلي: جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا".
2 - لا تصحُّ الصلاة في المقبرة التي هي مدفن الموتى؛ لما روى مسلم (972) أنَّ النَّبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تصلُّوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها".
قال ابن حزم: أحاديثُ النَّهي عن الصَّلاة في المقبرة متواترة، لا يسع أحدًا تَركُهَا. وجزَمَ غيرُ واحدٍ من المحقِّقين بأنَّ العلَّة سَدُّ الذريعة عن عبادة أربابها.
قال ابن القيم: تعظيمُ القبور أعظمُ مكائد الشيطان، التي كاد بها أكثَرَ النَّاس، وما نجا منها إلاَّ مَنْ لم يُرِدِ الله له الفتنة.
قال الشيخ تقي الدِّين: عمومُ كلامهم يوجبُ منعَ الصَّلاة عند قبرٍ واحدٍ، وهو الصوابُ، واستثني صلاة الجنازة بالمقبرة؛ لفعله -صلى الله عليه وسلم-، فخصَّ النَّهي بذلك؛ لأنَّها دعاء للميت، لا تشمل ركوعًا ولا سجودًا، ولا خفضًا ولا رفعًا.

الصفحة 24