كتاب توضيح الأحكام من بلوغ المرام (اسم الجزء: 5)

وذهب الإمام أبو حنيفة والإمام أحمد في إحدى الروايتين عنه إلى ثبوت الشفعة في هذه الأمكنة الضيقة، ولو لم تجب قسمتها "قسمة إجبار".
واختار هذا القول ابن عقيل، وابن الجوزي، وتقي الدين ابن تيمية، وشيخنا عبد الرحمن السعدي؛ لعموم الأخبار في ثبوت الشفعة، ولِما روى الترمذي والنسائي موصولاً ومرسلاً عن ابن عباس أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "الشريك شفيع في كل شيء"؛ ولأنَّ الشُّفعة ثبتت لإزالة ضرر الشراكة، وهي في هذا النوع من العقار أكثر ضررًا.
* قرار مجلس هيئة كبار العلماء: رقم (44) في 3/ 4/ 1396 هـ ما نصه:
"كما تثبت الشفعة فيما لا تمكن قسمته من العقار، كالبيت والحانوت الصغيرين ونحوهما لعموم الأدلة في ذلك، ولدخول ذلك تحت مناط الأخذ بالشفعة، وهو دفع الضرر عن الشريك في المبيع، ولأنَّ النصوص الشرعية في مشروعية الشفعة تتناول ذلك".
أما الأماكن المذكورة في الحديث الذي رواه أبو عبيد فعلى فرض صحة الحديث، فإنَّ الفِناء هو الساحة العامة بين البيوت، والمنقبة هي الطريق الضيق بين الدارين، والطريق هو الدرب العام، وهذه الأشياء الثلاثة ليست مملوكة لتصح فيها الشفعة، وإنما هي مرافق مشتركة بين البيوت ينتفع فيها حسبما جرت به عادة السكان.
***

الصفحة 9