كتاب توضيح الأحكام من بلوغ المرام (اسم الجزء: 6)

يختلف باختلاف الزمان، والمكان، وأحوال الناس.
4 - أن مَنْ وجبت عليه النفقة، فلم ينفق شحًّا، فإنه يؤخذ من ماله، ولو بغير علمه؛ لأنها نفقة واجبةٌ عليه.
5 - ومنه أن المتولي على أمرٍ من الأمور يُرْجَع في تقديره إليه؛ لأنه مُؤْتَمَن، فله الولاية على ذلك.
6 - اختلف العلماء؛ هل أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- هندًا حين سألته أن تأخذ من مال زوجها- هو حكمٌ، فيكون من باب الحكم على الغائب، أم أنها فتوى؟
قال العلماء: "إن هذه القصة مترددة بين كونها فتيا، وبين كونها حُكْمًا، وكونها فتيا أقرب؛ لأنه لم يطالبها ببينة، ولا استحلفها، وأبو سفيان في البلد لم يغب عنه، والحكم لا يكون إلاَّ بحضور الخصمين كليهما".
7 - ومنه أن هذه الشكاية وأمثالها لا تعتبر من الغيبة المحرمة؛ لأنها رفعت أمرها إلى ولي الأمر، القادر على إنصافها، وإزالة مَظلمتها.
8 - ومنه جواز مخاطبة المرأة الأجنبية للحاجة، وعند الأمن من الفتنة.
9 - عموم الحديث يوجب نفقة الأولاد، وإن كانوا كبارًا، قال تعالى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233].
10 - وفيه دليلٌ على أن من تعذر عليه استيفاء ما يجب له، فله أن يأخذه، ولو على سبيل الخُفْية، ويسمّيها العلماء "مسألة الظَّفَر"، وهي مسألة خلافية، أجازها الشافعي وأحمد، ومنعها أبو حنيفة ومالك، والراجح التفصيل؛ وذلك أنه إن كان سبب الحق واضحًا بيِّنًا، فله الأخذ؛ لانتفاء الشبهة فيه، وإن كان السبب خفيًّا، فلا يجوز؛ لئلا يتهم بالآخذ بالاعتداء على حق الغير.
***

الصفحة 36