كتاب توضيح الأحكام من بلوغ المرام (اسم الجزء: 6)
الثاني: هو ما كان في الصغر، ولم يقدروه بزمان.
الثالث: أن الرضاع يحرم؛ ولو كان للكبير البالغ، أو الشيخ.
الرابع: أن الرضاع لا يكون محرِّمًا إلاَّ لمن كان في الصغر، إلاَّ إذا دعت الحاجة إلى إرضاع الكبير، الذي لا يُستغنى عن دخوله، وَيُشقّ الاحتجاب منه.
فذهب إلى الأول: الشافعي، وأحمد، وصاحبا أبي حنيفة: أبو يوسف ومحمد بن الحسن، وصح عن عمر، وابن مسعود، وأبي هريرة، وابن عباس، وابن عمر، وروي عن الشعبي، وهو قول سفيان، وإسحاق، وابن المنذر.
واستدلوا على ذلك بقوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [البقرة: 233] فجعل تمام الرضاعة حولين، فلا حكم لما بعدهما، فلا يتعلق به تحريم.
وحديث: "إنما الرضاعة من المجاعة" المتقدم، ومدة المجاعة هي ما كان في حولين.
وما رواه الدارقطني بإسناد صحيح، عن ابن عباس يرفعه: "لا رضاع إلاَّ ما كان في الحولين".
وفي سنن أبي داود من حديث ابن مسعود يرفعه: "لا يحرم من الرَّضاع إلاَّ ما أنبتَ اللحم، وأنشزَ العظم".
ورضاع الكبير لا يُنبت اللحم، ولا ينشز العظم.
وذهب إلى القول الثاني: أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- خلا عائشة، وروي عن ابن عمر، وابن المسيب.
ودليل هؤلاء: ما في الصحيحين أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنما الرضاعة من المجاعة"، حيث يقتضي عمومه، أن الطفل مادام غذاؤه اللبن فإنَ ذلك الرَّضاع محرِّم، وهو نظرٌ جيِّدٌ، ومأخذه قويٌّ.
وذهب إلى القول الثالث: طائفة من السلف والخلف؛ منهم عائشة،
الصفحة 9
487