كتاب توضيح الأحكام من بلوغ المرام (اسم الجزء: 7)

وقال أبو حنيفة، وأصحابه، والأوزاعي، والشَّافعي، وسائر الفقهاء: إنَّ العِدَة لا يلزم منها شيء؛ لانَّها منافع لم يقبضها كالعارية؛ لأنَّها طارئة.
والَّذي يظهر لي: أنَّ إخلاف الوعد لا يجوز؛ لكونه من علامات المنافقين، ولكن الواعد إذا امتنع من إنجاز الوعد لا يحكم عليه به، ولا يلزم به جبرًا، بل يؤمر به، ولا يجبر عليه.
وممَّن اختار القول بلزوم الوعد من علماء العصر: الشيخ عبد الرحمن بن سعدي، وعبد الرحمن بن قاسم، ومصطفى الزرقاء، ويوسف القرضاوي، وغيرهم.
قال الشيخ القرضاوي: الَّذي ينبغي ألاَّ يقبل الخلاف فيه هو الوعد في شؤون المعاوضات، والمعاملات التي يترتَّب عليها التزامات وتصرفات مالية واقتصادية.
ويترتَّب على جواز الإخلاف فيها إضرارٌ بمصالح النَّاس وتغريرهم؛ فالوفاء بالوعد هنا كالوفاء بالعهد؛ ولذا وصفت الأحاديث: "إذا عاهدَ غدر" مكان "إنْ وعَد أخلف".
وقرَّر مجمَّع الفقه الإسلامي بجدَّة بقراره رقم (40) في الدورة الخامسة المنعقدة في الكويت فيما بين 1 - 6/ 5/ 1409 هـ ما يلي:
الوعد بالوفاء يكون ملزمًا للواعد ديانة إلاَّ لعذر، وهو ملزم قضاء إذا كان معلَّقًا على سبب، ودخل الموعود في كلفة نتيجة الوعد، ويتحدَّد أثر الالتزام في هذه الحالة إمَّا بتنفيذ الوعد، وإمَّا بالتعويض عن الضرر الواقع فعلًا، بسبب عدم الوفاء بالوعد بلا عذر.
***

الصفحة 411