كتاب توضيح الأحكام من بلوغ المرام (اسم الجزء: 7)

فيه إشارةٌ إلى أنَّ أكرم الخلق عند اللهِ من اتصف بالتقوى لا بالجاه والرئاسة والمال؛ فرُبَّ من يحقره النَّاس -لضعفه، وقلَّة حظه من الدنيا- هو أعظم قدرًا ممَّن له قدرة في الدنيا؛ قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ} [لحجر ات: 13].
والتقوى أصلها في القلب، فلا يطلع على حقيقتها إلاَّ الله تعالى؛ وحينئذٍ فقد يكون ممَّن له صورة حسنة، أو جاه، أو رئاسة في الدنيا، قلبه خالٍ من التقوى، ويكون من ليس له شيء من ذلك، قلبه مملوءٌ من تقوى الله؛ فيكون أكرم عند الله تعالى.
قال -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ اللهَ لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم" [رواه مسلم (2564)].
9 - قوله: "بحسب امرىءٍ من الشرِّ أنْ يحقر أخاه المسلم":
يعني: أنَّ احتقار المسلم أخاه المسلم هو كفايته من الشرِّ؛ فإنَّه إنَّما يحقره لتكبره عليه، والكبر أعظم خصال الشر؛ ففي صحيح مسلم (91) أنَّ النَّبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يدخل الجنَّة من كان في قلبه مثقال ذرَّةٍ من كبر".
10 - قوله: "كل المسلم على المسلم حرام: دمه، وماله، وعرضه".
النصوص في تحريم دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم كثيرة صحيحة صريحة؛ فهو ممَّا عُلِمَ من الدِّين بالضرورة.
إنَّما المتعيِّن على المسلم أنْ يحترز عن حقوق المسلمين، فلا يعتدى عليها، وإذا حصل بيده منها شيءٌ فليردها إنْ قدر على ذلك، وإلاَّ استحل أهلها منها قبل أنْ يأتي يومٌ لا يستطيع أداءها إلا من أعماله الصَّالحة، فإذا نفذت أعماله، وضع عليه من سيئات أصحاب الحقوق، ونسأل الله العافية والمعافاة.
***

الصفحة 435