كتاب توضيح الأحكام من بلوغ المرام (اسم الجزء: 7)

* ما يؤخذ من الحديث:
1 - أذية المسلم وغيره بغير حق حرام، سواء أكانت الأذية في بدنه، أو عرضه، أو ماله، أو ولده، أو أهله، أو أي شيء يلحقه الضرر به؛ فمن أدخل الضرر على مسلم، أو ذمي، أو معاهد، جازاه الله تعالى من جنس عمله، بأن يدخل عليه المضرة والمشقة.
2 - جاء في الحديث الذي أخرجه أحمد (22272)؛ أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا ضرر ولا ضرار"؛ وهذا الحديث جعله علماء الأصول قاعدة شرعية عامة كبرى، استقوا منها عددًا كبيرًا من المسائل الفرعية.
ومعناه: نفي الضرر من الرجل لأخيه ابتداءً وجزاءً.
فالحديث: "لا ضرر ولا ضرار" وأخوه "حديث الباب": نص في تحريم الضرر بأنواعه كلها؛ لأنَّ النفي بـ"لا" للاستغراق، فيفيد تحريم جميع أنول الضرر؛ لأنَّه الظلم الذي حرَّمه الله تعالى على نفسه، وجعله بين عباده محرَّمًا.
3 - الضرر قد يكون بحق؛ كإقامة الحدود، والعقوبات، والإكراه على استخلاص الحقوق المستحقة الواجبة.
4 - المضارة المحرَّمة هي المضارة المقصودة، أما غير المقصودة فلا تحرم، قالط شيخ الإسلام: المضارة معناها القصد والإرادة، أو على فعل فيه ضرر، فمتى قصد الإضرار، أو الفعل بالإضرار من غير حاجة، فهو مضار.
وأما إذا فعل الضرر المستحق للحاجة لا لقصد الضرر، فليس بمضار؛ ومن ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم- لصاحب النخلة التي تضر صاحب الحديقة لما طلب صاحبها المعاوضة عنها بعدة طرق فلم يفعل، قال: "إنما أنت مضار" [أبو داود: 3636]، ثم أمر بقلعها؛ فدل على أنَّ الضرر محرَّم لا يجوز تمكين صاحبه منه.

الصفحة 446