كتاب توضيح الأحكام من بلوغ المرام (اسم الجزء: 7)

1312 - وَعَنَ عَائِشَةَ -رَضِيَ الله عَنْهَا- قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهُ -صلى الله عليه وسلم-: "لاَ تَسُبُّوا الأَمْوَاتَ؛ فَإِنَّهُمْ قَدْ أَفْضَوْا إِلَى مَا قَدَّمُوا" أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ (¬1).
ـــــــــــــــــــــــــــــ
* مفردات الحديث:
- أَفْضَوْا إلى ما قدموا: يقال: أفضى فلان إلى فلان: وصل إليه، وأفضى به إلى كذا، أي: بلغ وانتهى به إليه، ومعناه: أنَّهم صاروا إلى ما قدموا من أعمالهم.
* ما يؤخذ من الحديث:
1 - الحديث يدل على تحريم سب الأموات، وعمومه: يفيد أنَّه سواء أكانوا مسلمين أو كفارًا.
وحكمة النَّهي جاءت من قوله -صلى الله عليه وسلم- في بقية الحديث: "قد أفضوا إلى ما قدَّموا" يعني: أنَّهم وصلوا إلى ما قدموه من الأعمال، سواء أكانت صالحة، أو طالحة.
2 - الأموات لا فائدة في سبهم، والتفكه في أعراضهم، وتعداد مساويهم وأعمالهم؛ فإنَّ ذلك قد يؤذي الحي من أقاربهم.
قال ابن الأثير في أسد الغابة: لما أسلم عكرمة بن أبي جهل، صار الناس يقولون: هذا ابن عدو الله أبي جهل، فساءه ذلك، فشكى إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا تسبوا أباه؛ فإنَّ سبَّ الميت يؤذي الحي".
3 - يستثنى من النَّهي عن سب الأموات إذا كان في ذكر معايبهم فائدة، ولم يقصد به التنقيص منهم، واغتيابهم، وإنما يقصد من ذلك بيان الحقيقة،
¬__________
(¬1) البخاري (1393).

الصفحة 450