كتاب توضيح الأحكام من بلوغ المرام (اسم الجزء: 7)

دخول الجنة، مما يقتضي أنَّها من كبائر الذنوب؛ فإنَّ من نُفِيَ عنه دخوله الجنة، فقد أتى كبيرة، كما تقدم تعريفها.
الأولى: الخبّ مخادع المحتال على الناس، فلا يعيش إلاَّ بالخديعة، والحيلة الذميمة، فيسلب أموال الناس بطرق الخداع؛ من الكذب في المعاملة، والتغرير فيها، والتدليس، والاحتيال، أو يخادع الناس بالمصاهرة منهم؛ بإظهار الدين، والغنى، والخصال المرغبة في إجابة خطبته، أو تظهر المرأة صفات بها ترغب مكرًا منها، وخداعًا، أو غير ذلك.
فالخداع لا تعد أساليبه وطرقه، وإنما يشمله: أنَّ كل من خادع الناس لأي غرض من الأغراض، فخداعه محرَّم مسبب للحرمان من الجنة.
الثانية: البخل: تقدمت النصوص من الكتاب والسنة، وكلام العلماء، وإجماع الناس على ذمه وقبحه، وإجماع العلماء على تحريمه إذا وصل إلى منع الزكاة، والنفقات الواجبة، والتقصير في حق من يمونه، فكفى بالمرء إثمًا يمنع عمن يمونه قوته.
الثالثة: سيِّء الملكة: هو الذي فقد الشفقة والرحمة، فصار يسيء إلى مماليكه، فيكلفهم من العمل ما يشق عليهم، ولا يطيقونه، ويترك ما وجب عليه من الإنفاق عليهم، والقيام بحقوقهم.
ثم مع هذا يتجاوز الحد في تأديبهم، فيعاقبهم على أتفه الأشياء عقاب المجرمين، بلا رحمة، ولا شفقة، ولا هوادة، ومثل المماليك: البهائم التي تحت يده، يقصر عليها بالنفقة، ويكلفها من العمل والحمل ما يشق عليها.
2 - فهؤلاء الثلاثة الموصوفون بهذه الصفات حرَّمت عليهم الجنة؛ لأنَّ الجنَّة لا تكون للمخادع، ولا للكذاب، ولا للبخيل الشحيح، ولا للقاسي الذي خلا قلبه من الرحمة.
***

الصفحة 457