كتاب توضيح الأحكام من بلوغ المرام (اسم الجزء: 7)

1336 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِن مَالٍ، وَمَا زَادَ اللهُ عَبْدًا بعَفْوٍ إلاَّ عِزًّا، وَما تَواضَعَ أَحَدٌ للهِ إلاَّ رَفَعَهُ اللهُ تَعَالَى" أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ (¬1).
ـــــــــــــــــــــــــــــ
* ما يؤخذ من الحديث:
الحديث فيه ثلاث جمل من الأحكام الحكيمة والآداب السامية:
الأولى: "ما نقصت صدقة من مال": وهذا يشمل ثلاثة معان:
1 - أنَّ الله تعالى ينمِّي المال بالصدقة، ويزكيه، ويبارك فيه، فتندفع عنه الآفات، وتحل فيه البركات الحسية والمعنوية.
2 - أنَّ الثواب الحاصل من الصدقة جَبَرَ نَقْص عينها؛ فالمتصدِّق إذا نقص من جانب عوِّض عنه ما هو أكثر منه من جانب آخر.
3 - أنَّ الله تعالى يخلفها بعوض يعوِّضه به عن نقص المال، بل ربما زادته؛ قال تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ} [سبأ: 39]، وقال تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً} [البقرة: 245].
الثانية: "ما زاد الله عبدًا بعفو إلاَّ عزًّا":
فيه الحث على العفو عن المسيء، وعدم مجازاته على إساءته، وإن كانت جائزة، لكن العفو عند المقدرة له مقام كبير عند الله وعند خلقه:
أما عند الله: فإنه سبحانه يحبه؛ لأنَّه محسن، فيضع له المحبة في الأرض.
وأما عند الناس: فإنَّ الناس إذا علموا أنَّه عفا عن مقدرة، صار له عندهم منزلة كبيرة، ومقام عظيم، ونُظِر إليه بعين الإجلال والإكبار، أما المنتقم فإنَّه لا
¬__________
(¬1) مسلم (2588).

الصفحة 501