كتاب توضيح الأحكام من بلوغ المرام (اسم الجزء: 7)

وأن يبذل لهم النصح والمشورة فيما ينفعهم، ويعود عليهم بالصلاح، ويشفق عليهم برحمة صغيرهم، وفقيرهم، وعاجزهم، ويقدِّر كبيرهم ويحترمه، ويحزن لحزنهم، ويتألم لمصابهم، ويفرح لفرحهم بما يجدِّد الله لهم من النعم، وما يندفع عنهم من النقم.
وأن يبعد عنهم كل ما ينافي ذلك من الحقد، والحسد، والغش، والخداع، وغير ذلك مما يضرهم.
ومن النصح للمسلمين: القيام بحقوقهم، فهناك حقوق عامة؛ كرد السلام، وتشميت العاطس، وعيادة المرضى، واتباع الجنائز، والدعاء للأحياء والأموات، وهناك حقوق خاصة؛ كلٌّ فيما يخصه ويناسبه، من الأقارب، والجيران، والأقران، والأصدقاء.
6 - وهكذا: فالنصيحة كلمة جامعة تتضمن قيام الناصح للمنصوح له بوجوه الخير والبر إرادةً وفعلاً؛ فهي بمثابة القلب الطاهر السليم للمنصوح له، وهي نافعة للناصح والمنصوح:
فأما الناصح: فلما يحصِّله من الأجر والثواب، ولما يسرُّه ويفرحه من أثر نصحه وأعماله الطيبة.
وأما المنصوح له، فلما يحصُلُ له من خير الدنيا والآخرة بسبب توجيه الناصحين، وإرشاد المحبِّين، والدلالة على وجوه الخير، والصلاح، والفلاح.
فقد قال الفضيل بن عياض -رحمه الله تعالى-: "ما أدرك عندنا من أدرك بكثرة الصلاة والصيام، وإنما أدركوا عندنا بسخاء النفس، وسلامة الصدر، والنصح للأمة"، والله أعلم.
***

الصفحة 508