كتاب توضيح الأحكام من بلوغ المرام (اسم الجزء: 7)

معاني التوبة والتذلل، مما ليس في غيره من أحاديث التوبة والاستغفار.
2 - قال الطيبي: لما كان هذا الدعاء جامعًا لمعاني التوبة، استعير له اسم السيد الذي هو في الأصل الرئيس الذي يُقصد إليه في الحوائج، ويُرجع إليه في الأمور.
3 - وقال ابن أبي جمرة: جمع هذا الحديث من بديع المعاني، وحسن الألفاظ ما يحق له أن يسمى بسيِّد الاستغفار.
4 - اشتمل هذا الحديث السيد الشريف على اعترافات ترجع إلى الله تعالى بما يستحقه من العظمة والإجلال، وترجع إلى العبد بما يجب عليه من الذل، والخضوع، والانكسار.
5 - فيه الإقرار لله تعالى بالربوبية، وذلك أنه تعالى هو الخالق، الرازق، المعطي، المانع، القابض، الباسط، المحيي، المميت، المدبِّر لجميع الأمور.
6 - وفيه الإقرار له بالعبودية، والإلهية، والوحدانية، وأنَّه المألوه المعبود المقصود.
7 - وفيه الإقرار والاعتراف من العبد لربه ومعبوده، بأنَّه العبد، المطيع، الخاضع، الذليل أمام ربه، وخالقه، ورازقه، ومعبوده.
8 - وفيه إقرار العبد بأنَّه ملتزم بالوفاء بالعهد الذي أخذه ربه عليه بقوله: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172)} [الأعراف].
9 - قوله: "ما استطعت" وعد بالقيام بعهد الله تعالى بقدر الاستطاعة والطاقة، وهذا موافق لقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16]، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا أمرتكم بأمر، فأتوا منه ما استطعتم" [رواه البخاري ومسلم]؛ فلا يكلف الله نفسًا إلاَّ وسعها.
وهو أيضًا: إقرار واعتراف من العبد لربه بالعجز والتقصير، بأن يعبده حق عبادته.

الصفحة 563