كتاب توضيح الأحكام من بلوغ المرام (اسم الجزء: 7)

قال تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ} [الروم: 41].
3 - قوله: "وتحوُّل عافيتك" فيه الاستعاذة بالله تعالى من أن ينقل العافية منه إلى غيرها، ويسأله بقاءها سابغة عليه، وهي تشمل العافية في الدين، والبدن، والوطن، والأهل، والمال، بأن تبقى سالمة مما يطرأ عليها فيزيلها، أو يهلكها، أو يذهبها.
4 - وقوله: "وفجأة نقمتك" الفجأة: هي البغتة التي تأخذ الإنسان من حيث لا يكون عنده سابق إنذارٍ وإخطارٍ وتحذير، فيؤخذ من مأمنه، حينما تفجؤه النقمة، ويبغته العذاب، ولات حين مناص ولا مفر.
5 - قوله: "وجميع سَخَطِك" تعميم بعد تخصيص، فهو يستعيذ بالله تعالى، ويعتصم من جميع الشرور والأمور التي توجب سخط الله تعالى، والذي يسخطه جلَّ وعلا على عباده: هو عموم المعاصي والذنوب، من انتهاك المحرَّمات أو ترك الواجبات، والله أعلم.
6 - وقوله: "اللَّهمَّ إني أعوذ بك من غلبة الدَّين" الدَّيْنُ الغالب الظاهر هو الدين الذي ليس عند المدين ما يقضيه به، أما إذا كان عند المدين ما يفي به الدين، فهذا دين ليس بغالب.
7 - الدَّيْنُ إذا غلب يسبِّب الهم والغم، ويكون صاحبه في قلق وتعب بدني وقلبي وفكري، وهذا هو ما استعاذ منه؛ لأنَّ حقوق الآدميين مبنية على الشح.
ولذا استعاذ النبي -صلى الله عليه وسلم- من المَغْرَم وهو الدَّين، وقال -صلى الله عليه وسلم- مبينًا آثار الدين السيئة، وعواقبه الوخيمة: "إنَّ الرجل إذا غرم، حدث فكذب، ووعد فأخلف" [رواه البخاري (832) ومسلم (2589)].
8 - أما غلبة العدو: فهي تسبب لصاحبها الذلَّة، والمهانة، والحقارة؛ فإنَّ العدو لا يرحم، ولا يشفق، وإنما يقسو ويعثو.

الصفحة 570