كتاب توضيح الأحكام من بلوغ المرام (اسم الجزء: 7)

المطالب، مِن صَمَدَ إليه، بمعنى قصده؛ فهو فَعَلٌ بمعنى مفعول.
- كُفُوًا أحد: الكفء: هو الشبيه، والمثيل، والنظيرة فهو جلَّ وعلا ليس له من خلقه مكافئىٌ، ولا مماثلٌ، ولا نظيرٌ، ولا شبيهٌ.
* ما يؤخذ من الحديث:
1 - قوله: "أسألك بأنَّي أشهد أنك أنت الله" هذا قسم استعطافي وتضرعي، ومعناه: أسألك باستحقاقك لهذه الصفات، ولم يذكر المسؤول والمطلوب بهذه التوسِّلات؛ لعدم الحاجة إلى ذكره.
2 - قوله: "بأني أشهد أنَّك أنت الله لا إله إلاَّ أنت" هذا من باب التوسُّل بالأعمال الصالحة، وهو منع التوسل الجائز، بل المستحب؛ قال تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف: 180]، وليس في الذكر أفضل من هذه الجملة الكريمة؛ لما اشتملت عليه من الشهادة بإفراده تعالى بالعبادة، ونفي الشريك عنه.
وتقدم شرح هذه الجملة العظيمة.
3 - "الأحد" الواحد وحدانيةً حقيقيةً في ربوبيته، وفي ألوهيته، وفي ذاته، وفي صفاته، فقد انحصرت فيه الأحدية، فهو الأحد المنفرد بالكمال المطلق.
4 - "الصمد" الذي تصمُدُ إليه جميع الخلائق، وتقصده لقضاء حوائجها؛ فالعالم العلوي والسفلي مفتقرون إليه غاية الافتقار، ويرغبون إليه في مهماتهم؛ لأنَّه القادر على قضائها.
قال الشيخ محمد رشيد رضا: فلو أنَّ مبتدعة عُبَّاد القبور، وأسرى الخرافات يفقهون معنى هذه الحكمة، ويؤمنون بها إيمانًا صحيحًا يملك قلوبهم، لَمَا صَمَدَ أَحَدٌ منهم إلى قبر أحد من الصالحين، ولا إلى دَجَّالٍ يدَّعي استخدام الجن، وتسخير الشياطين؛ ليقضي له ما عجز عنه من منافعه ومصالحه، أو من دفع الأذى عن نفسه وأهله، فإنَّ هؤلاء -أحياءً وأمواتًا-

الصفحة 573