كتاب توضيح الأحكام من بلوغ المرام (اسم الجزء: 7)

عاجزون كلُّهم عما يظنه الجاهلون بهم من التصرُّفِ في عالم الغيب والشهادة.
5 - "لم يلد ولم يولد"؛ فهو جلَّ وعلا لكمال غناه، وعدم افتقاره إلى غيره، لم يصدر عنه ولد، ولم يصدر هو عن شيء؛ لاستحالة نسبة العلم إليه سابقًا ولاحقًا؛ ولو كان مولودًا، لكان مسبوقًا بالعلم؛ لأنَّ المولود حادث، ولو كان والدًا، لوجب أن يكون له أولادٌ، وللزم أن يكونْ للخلق آلهة متعددة؛ وهذا مستحيل.
6 - "لم يكن له كفوًا أحد" الكُفُؤ: النظير المكافيء، والله تعالى لا نظير له، ولا شبيه؛ لا في ذاته، ولا في أسمائه، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، فهذه السورة الجليلة -التي تعدل في معانيها الشريفة ثلث القرآن- قد أبطلت جميع الشرك؛ لاشتمالها على جميع أنواع التوحيد الثلاثة.
7 - "لقد سأل الله باسمه الذي إذا سُئِل به أعطى، وإذا دُعِي به أجاب"، وفي رواية: "لقد سأل الله باسمه الأعظم":
إعطاء السؤال والإجابة على الدعاء دليل على شرف السائل والداعي، ووجاهته عند المعطي والمجيب، حيث أجاب سؤاله، ولبى دعاءه ونداءه.
كما يدل على فضل هذا الدعاء وحسنه؛ فإنَّه وسيلة قوية، وسبيل قويم إلى حصول المطالب من الله تعالى، وتلبية نداء عبده.
8 - أما الاسم الذي إذا سئل به أعطى، أو كما جاء في رواية أخرى أنَّه "الأعظم" -فهذا هو أحد أسماء الله تعالى، ولكن اختلف العلماء في تعيينه؛ فقد أخفاه الله تعالى لِحكم عظيمة، لعلَّ منها أن يتلمَّسه العباد في جميع أسماء الله، فيدعوه بها، فيكثر عملهم، ليكثر ثوابهم، كما أخفى ليلة القدر، وساعة الجمعة، وساعة الليل، للاجتهاد في طلبها، وكثرة العمل في تلمُّسها.

الصفحة 574