كتاب توضيح الأحكام من بلوغ المرام (اسم الجزء: 7)

حسن، واقتداء طيب؛ فإنَّ الله تعالى ختم رسالة نبيه محمَّد -صلى الله عليه وسلم- بذلك؛ قال تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)} [النصر].
2 - "حبيبتان إلى الرحمن" أي: هما محبوبتان، وأيضًا محبوب قائلهما عند الرحمن تبارك وتعالى.
وخصَّ الرَّحمن من بين سائر الأسماء الحسنى؛ لأنَّ المقصود من الحديث بيان سعة رحمة الله على عباده، حيث يجازي على العمل القليل بالثواب الكثير.
3 - "ثقيلتان في الميزان": حقيقةً؛ لكثرة الأجور المدَّخرة لقائلهما، والحسنات المضاعفة للذاكر بهما، فقد ذهب أهل الحديث إلى أنَّ الموزون هو نفس الأعمال؛ قال تعالى: {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (8)} [الأعراف: 8]، والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، وأما معرفة كيفية الوزن: فهذه أمور توقيفية، لا يتجاوزها المسلم إلى غير المسموع والمنقول، وليس للعقل دخل في تخيلها ووصفها، وبيان كيفيتها؛ فهذا من علم الغيب.
4 - "سبحان الله وبحمده": قرن التسبيح بالحمد؛ ليعلم ثبوت الكمال له نفيًا وإثباتًا ومعنًى، والتسبيح هنا: تنزيهه وتقديسه عن جميع ما لا يليق به سبحانه، وإلاَّ فهو تعالى مقدَّسٌ أزلًا وأبدًا، وإن لم يقدِّسه أحدٌ، وإذا حصل الاعتراف والاعتقاد بأنه منزَّهٌ عن جميع النقائص، ثبتت له الكمالات ضرورة؛ فثبت أنَّه الرب على الإطلاق.
والربوبية حجة ملزمة، وبرهان يوجب توحيد الألوهية، فتضمَّنت هذه الكلمة إثبات التوحيدين، كما تضمنت إثبات الكمالين، وهذان الإثباتان في ضمنهما كلُّ حمد يليق بالله تعالى.

الصفحة 594