كتاب توضيح الأحكام من بلوغ المرام (اسم الجزء: 7)

فهذه الآية الكريمة عامَّة في حل أكل لحم الحيوانات، إلاَّ ما ورد الشرع بتحريمه، فما ورد من المحرمات في سورة المائدة، وفي الأحاديث الواردة في التحريم، كحديث الباب فهو رافعٌ لمفهوم هذه الآية.
3 - قال الشيخ عبد الرحمن السعدي: "وإذا كان الله لم يحرِّم من المطاعم إلاَّ ما ذكر، والتحريم لا يكون مصدره إلاَّ شرع الله، دلَّ ذلك على أنَّ المشركين الَّذين حرَّموا ما رزقهم الله مفترون على الله، متقوِّلون عليه ما لم يقله.
4 - حديث الباب يُثبِت تحريم كل ذي نابٍ من السِّباع، وكل ذي مخلبٍ من الطير، فكل ذي نابٍ من السِّباع فهو محرَّم، وكل ذي مخلب من الطير فهو محرَّم، كالأسد، والنمر، والذئب، وهو الحيوان المفترس الذي جمع الوصفين النَّاب، والسبعيَّة لطبيعِيَّة فيه، والافتراس، فإذا تخلَّفت إحدى الصفتين لم يحرم، فهذا الحديث مبيِّن ومفسِّر لما أجمل في الآية، وإليه ذهب جمهور العلماء، ومنهم الأئمة الثلاثة أبو حنيفة، والشَّافعي، وأحمد.
5 - أمَّا ذو المخلب من الطير فقال النووي: "تحريمه هو مذهب الجمهور، أبي حنيفة، والشَّافعي، وأحمد، وغيرهم، فقد استفاضت السنَّة بالنَّهي عنه، والنَّهي يقتضي التحريم".
قال ابن القيم: "تواترت الآثار عن النَّبي -صلى الله عليه وسلم- بالنَّهي عن كل ذي نابٍ من السِّباع، وكل ذي مخلب من الطير، وصحَّت صحَّة لا مطعن فيها".
6 - قال شيخ الإِسلام: "إنَّ العادي شبيه بالمعتدي، فيصير في نفسه من الظلم والعدوان بحسب ما اعتدى به".
قال الأستاذ طبارة: "حرَّم النَّبي -صلى الله عليه وسلم- كل ذي مخلبٍ من الطير وكل ذي ناب من السباع؛ لما فيها من صلابة العضلات وقبح الرائحة، فلحوم هذه الحيوانات غير صالحةٍ لمعدة الإنسان؛ لأنَّها تبتذل مجهودًا عضليًّا في افتراسها غيرها، فتقوى بذلك عضلاتها، وتتصلَّب، وتكون عسرة الهضم.

الصفحة 6