كتاب الرسالة التبوكية زاد المهاجر إلى ربه - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

[بعيدٌ على كسلانَ أو ذي مَلالةٍ ... وأما على المشتاقِ فهو قريبُ] (¬١)
ولَعمرُ اللهِ ما هي إلا نور يتلألأ، ولكنِ أنت ظَلامُه، وبدر أضاءَ مشارق الأرض ومغاربها، ولكن أنتَ غيْمُه وقَتَامُه، ومنهلٌ عذب صافي، ولكن (¬٢) أنت كَدَرُه، ومبتدأ له خَبَرٌ عظيمٌ (¬٣)، ولكن ليس عندك خبره.
فاسمع الآنَ شأنَ هذه الهجرة والدلالة عليها، وحاسِبْ نفسَكَ (¬٤) بينك وبين الله هل أنت من المهاجرين لها أو المهاجرين إليها؟
فحدُّ هذه الهجرة: سفرُ الفكر في كل مسألة من مسائل الإيمان، ونازلةٍ من نوازل (¬٥) القلوب، وحادثةٍ من حوادث الأحكام، إلى معدِن الهُدى ومنبع النور المتلقى من فم الصادق المصدوق، الذي لا ينطق عن الهوى {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (٤)} (¬٦)، فكل مسألةٍ طلعتْ (¬٧) عليها شمسُ رسالتِه وإلا فاقذِفْ بها في بحار الظلمات (¬٨)، وكل شاهد
---------------
(¬١) البيت ساقط من الأصل، وهو لجميل بثينة في ديوان المعانى (٢/ ١٢٩) وسمط اللآلي (٢/ ٧١٩) والمنازل والديار (١/ ٣٤٧) ووفيات الأعيان (١/ ٣٦٨) وديوانه ٣٠.
(¬٢) "لكن" ساقطة من ق، ط.
(¬٣) ط: "لخير عظيم".
(¬٤) ط: "ما".
(¬٥) ط، ق: "نازل من منازل".
(¬٦) سورة النجم: ٤.
(¬٧) ط: "طلع".
(¬٨) ط: "بحر الظلمات".

الصفحة 23