كتاب الرسالة التبوكية زاد المهاجر إلى ربه - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

مقامَ ذكرِه مرتين. وهو الخضوع له، والانقياد لما حكم به طوعًا ورِضى، وتسليمًا لا قهرًا ومصابرةً؛ كما يسلِّم المقهورُ لمن قهره كرها، بل تسليم عبدٍ محبٍّ (¬١) مطيع لمولاه وسيِّدِه الذي هو أحبُّ شيء إليه، يعلم أن سعادته وفلاحه في تسليمه إليه، ويعلم (¬٢) بأنه أولى به من نفسه، وأبرُّ به منها، وأرحمُ به منها، وأنصحُ له منها، وأعلمُ بمصالحِه منها، وأقْدَر على تحصيلها (¬٣).
فمتى عَلم العبدُ هذا من الرسول - صلى الله عليه وسلم - استسلم له، وسلَّم إليه، وانقادت كل ذرّة من قلبه (¬٤) إليه، ورأى أنه لا سعادةَ له إلا بهذا التسليم والانقياد.
وليس هذا مما يحصل معناه بالعبارة، بل هو أمر قد انشقَّ [له] (¬٥) القلبُ واستقرَّ في سوَيدائِه، لا تَفِي العبارةُ بمعناه، ولا مَطمع في حصوله بالدعوى والأماني.
فكلٌّ يدعونَ وصالَ ليلَى ... ولكن لا تُقِرُّ لهمْ بذاكا (¬٦)
---------------
(¬١) "محب" ساقطة من ط.
(¬٢) في الأصل: "وعلمه".
(¬٣) ط: "تخليصها". ق: "حفظها".
(¬٤) ط: "وانقادت له كل علة في قلبه".
(¬٥) زيادة من ق.
(¬٦) كذا في الأصل، والرواية المشهورة: وكلٌّ يدَّعي وصلا بليلى * وليلى. . . . وهو من عائر الشعر الذي لم ينسب لقائل معين.

الصفحة 27