كتاب الرسالة التبوكية زاد المهاجر إلى ربه - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

والقولان ثابتان عن الصحابة في تفسير الآية (¬١). والصحيح: أنها متناولة للصنفين جميعًا؛ فإن العلماء والأمراء هم (¬٢) ولاة الأمر الذي بعث الله به رسوله.
فالعلماء (¬٣) وُلَاتُه حفظًا، وبيانًا، وبلاغًا (¬٤)، وذبًّا عنه، وردًّا على من ألحَدَ فيه وزاغَ عنه، وقد وكَّلهم الله بذلك، فقال تعالى: {فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ (٨٩)} (¬٥). فيا لها من وكالةٍ أوجبتْ طاعتَهم والانتهاءَ إلى أمرهم، وكون الناس تبعًا لهم.
والأمراءُ وُلَاتُه قيامًا، ورعايةً (¬٦)، وجهادًا، وإلزامًا للناس به، وأخذهم على يد من خَرَج عنه.
وهذان الصنفان هم الناس، وسائر النوع الإنساني تبعٌ لهم ورَعيةٌ.
ثم قال تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}.
وهذا دليل قاطعٌ على أنه يَجبُ رَدُّ موارد النّزاع في كل ما تنازع فيه
---------------
(¬١) انظر تفسير الطبري (٥/ ٩٣ - ٩٥) والمدخل للبيهقي (٢١٢ - ٢١٤) وزاد المسير (٢/ ١١٦، ١١٧) وتفسير القرطبي (٥/ ٢٥٩ , ٢٦٠) وتفسير ابن كثير (١/ ٥٣٠) وفتح الباري (٨/ ٢٥٤) والدر المنثور (٢/ ٥٧٣ - ٥٧٦).
(¬٢) "هم" ساقطة من ط.
(¬٣) ط: "فإن العلماء".
(¬٤) "وبلاغًا" ساقطة من ط.
(¬٥) سورة الأنعام: ٨٩.
(¬٦) ط: "عناية".

الصفحة 46